بعد الفترة فهل تعرف نبيّا أقام السنّة بعد الفترة غير محمّد صلىاللهعليهوآله ؟ » قال رأس الجالوت : هذا قول داود نعرفه ولا ننكره ، ولكن عنى بذلك : عيسى ، وأيّامه (١) هي الفترة.
قال له الرضا عليهالسلام : « جهلت ، إنّ عيسى لم يخالف (٢) السنّة ، وكان موافقا لسنّة التوراة حتّى رفعه الله إليه ، وفي الإنجيل مكتوب : إنّ ابن البرّة ذاهب والفار قليطا جاء من بعده وهو يخفّف (٣) الآصار ، ويفسّر لكم كلّ شيء ، ويشهد لي كما أشهد له ، أنا جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل ، أتؤمن هذا في الإنجيل؟ » قال : نعم ، لا أنكره.
فقال الرضا عليهالسلام : « أسألك عن نبيّك موسى عليهالسلام؟ » فقال : سل ، قال : « ما الحجّة على أنّ موسى عليهالسلام ثبّت نبوّته؟ » قال اليهودي : جاء بما لم يجئ به أحد من الأنبياء قبله.
قال له : « مثل ما ذا؟ ». قال : مثل فلق البحر ، وقلبه العصا حيّة تسعى ، وضربه الحجر فانفجرت منه العيون ، وإخراجه يده البيضاء للناظرين ، وعلامات لا يقدر الخلق على مثلها.
قال الرضا عليهالسلام : « صدقت في أنّها كانت حجّته على نبوّته أنّه جاء بما لا يقدر الخلق على مثله ، أفليس كلّ من ادّعى أنّه نبيّ ، ثمّ جاء بما لا يقدر الخلق على مثله وجب عليكم تصديقه؟ » قال : لا ؛ لأنّ موسى عليهالسلام لم يكن له نظير ؛ لمكانه من ربّه وقربه منه ، ولا يجب علينا الإقرار بنبوّة من ادّعاها حتّى يأتي من الأعلام بمثل ما جاء به.
قال الرضا عليهالسلام : « فكيف أقررتم بالأنبياء الذين كانوا قبل موسى عليهالسلام ولم يفلقوا البحر ، ولم يفجّروا من الحجر اثنتي عشرة عينا ، ولم يخرجوا أيديهم مثل إخراج موسى عليهالسلام يده بيضاء ، ولم يقلبوا العصا حيّة تسعى؟ » قال له اليهودي : قد خبّرتك أنّه متى جاءوا على نبوّتهم من الآيات بما لم يقدر الخلق على مثله ، ولو جاءوا بما
__________________
(١) كذا في الأصل ، وفي المصدر : « أمامه ».
(٢) كذا في الأصل : « يخلف » وما أثبتناه من المصدر.
(٣) في المصدر : « يحفظ » بدل « يخفّف ».