السّلام ويقول : فداك أخوك إنّه اجتمع إليّ أصحاب المقالات ، وأهل الأديان ، والمتكلّمون من جميع الملل ، فرأيك في البكور علينا إن أحببت كلامهم ، وإن كرهت ذلك فلا تتجشّم ، وإن أحببت أن نصير إليك خفّ علينا ذلك ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : « أبلغه السّلام وقل : قد علمت ما أردت وأنا صائر إليك بكرة إن شاء الله ».
فلمّا دخل الرضا عليهالسلام قام المأمون وجميع بني هاشم فما زالوا وقوفا ـ والرضا عليهالسلام جالس مع المأمون ـ حتّى أمرهم بالجلوس فجلسوا ، فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدّثه ساعة ، ثمّ التفت إلى الجاثليق ، فقال : يا جاثليق ، هذا ابن عمّي عليّ بن موسى بن جعفر ، وهو من ولد فاطمة بنت محمّد نبيّنا ، وابن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فأحبّ أن تكلّمه وتحاجّه وتنصفه ، فقال الجاثليق : يا أمير المؤمنين ، كيف يحاجّ رجل عليّ بكتاب أنا منكره ، ونبيّ لا أومن به؟!
فقال الرضا عليهالسلام : « يا نصرانيّ فإن احتججت عليك بإنجيلك أتقرّ به؟ ».
قال الجاثليق : وهل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل؟ نعم ، والله أقرّ به على رغم أنفي. فقال له الرضا عليهالسلام : « سل عمّا بدا لك واسمع الجواب ».
قال الجاثليق : ما تقول في نبوّة عيسى وكتبه هل تنكر منهما شيئا؟ قال الرضا عليهالسلام : « أنا مقرّ نبوّة عيسى وكتابه وما بشّر به أمّته وأقرّت به الحواريّون ، وكافر بنبوّة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وكتابه ولم يبشّر به أمّته ».
قال الجاثليق : أليس إنّما يقطع الأحكام بشاهدي عدل؟ قال : « بلى ».
قال : فأقم شاهدين من غير أهل ملّتك على نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ممّن لا تنكره النصرانيّة ، وسلمنا مثل ذلك من غير أهل ملّتنا.
قال الرضا عليهالسلام : الآن جئت بالنصفة يا نصرانيّ ، ألا تقبل من العدل المقدّم عند المسيح عيسى بن مريم؟ ».
قال الجاثليق : ومن هذا العدل؟ سمّه لي ، قال : « ما تقول في يوحنّا الديلميّ؟ » قال : بخّ بخّ ذكرت أحبّ الناس إلى المسيح.