فقال عليهالسلام : « بيّن قصّتك ليسمع من حضر فيعلم ».
فقال : نعم كنّا أربعة وعشرين قبيلة من بني إسرائيل ، وكنّا قد تمرّدنا وعصينا ، وعرضت علينا ولايتك فأبينا ، وفارقنا البلاد واستعملنا الفساد ، فجاءنا آت أنت أعرف به منّا فصرخ فينا صرخة فجمعنا واحدا وكنّا متفرّقين في البراري ، ثمّ صاح صيحة أخرى وقال : كونوا مسوخا بقدرة الله فمسخنا أجناسا مختلفة ، ثمّ قال : أيّها القفار كوني أنهارا تسكنك هذه المسوخ واتّصلي ببحار الأرض حتّى لا يبقى ماء إلاّ وفيه من هذه المسوخ فصرنا كما ترى (١).
[١٤] ومنها : ما روى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنّ عليّا لمّا قدم من صفّين وقف على شاطئ الفرات وأخرج قضيبا أخضر وضرب به الفرات والناس ينظرون إليه ، فانفجرت اثنتا عشر عينا كلّ فرق كالطود العظيم ، ثمّ تكلّم بكلام ولم يفهموه ، فأقبلت الحيتان رافعة رءوسها بالتهليل والتكبير فقالت : السّلام عليك يا حجّة الله في أرضه ، وعين الله الناظرة في عباده خذلوك كما خذل هارون بن عمران قومه ، فقال لأصحابه : « سمعتم؟ » فقالوا : نعم ، فقال : « هذه آية لي وحجّة عليكم » (٢).
[١٥] ومنها : ما يستفاد ممّا حكي أنّ رجلا حضر مجلس أبي بكر فادّعى أنّه لا يخاف الله ولا يرجو الجنّة ولا يخشى النار ولا يركع ولا يسجد ، ويأكل الميتة والدم ويشهد بما لم ير ويحبّ الفتنة ويكره الحقّ ويصدّق اليهود والنصارى ، وأنّ عنده ما ليس عند الله وله ما ليس لله ، وأنا أحمد النبيّ وأنا عليّ وأنا ربّكم ، فقال له عمر : ازددت كفرا على كفرك ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : « هوّن عليك يا عمر ، فإن هذا رجل من أولياء الله لا يرجو الجنّة ولكن يرجو الله ، ولا يخاف النار ولكن يخاف ربّه ، ولا يخاف الله من ظلم ولكن يخاف عدله ؛ لأنّه حكم عدل ، ولا يركع
__________________
(١) المصدر السابق : ٧٧.
(٢) « بحار الأنوار » ٣٣ : ٤٧ نقلا عن « الخرائج والجرائح » ١ : ٢٣٢.