منها قطّ ، فوقع العبّاس مغشيّا عليه واجتمع الناس وأمر بإمساكها فلم يقدر عليها ، ثمّ دعا علي عليهالسلام البغلة باسم ما سمعناه فجاءت خاضعة ذليلة فوضع رجله في الركاب ووثب عليها فاستوى عليها راكبا ، فاستدعى أن يركب الحسن والحسين عليهماالسلام فأمرهما بذلك ، ثمّ لبس عليّ الدرع والعمامة والسيف وركبها وسار عليها إلى منزله وهو يقول : « هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أنا وهما أم تكفر أنت يا فلان؟ » (١).
[٣٤] ومنها : ما روي عن سلمان الفارسيّ قال : كنّا مع مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام فقلت : يا أمير المؤمنين ، أحبّ أن أرى من معجزاتك شيئا ، قال عليهالسلام : « أفعل إن شاء الله تعالى عزّ وجلّ » ثمّ قام ودخل منزله ثمّ خرج إليّ وتحته فرس أدهم وعليه قباء أبيض وقلنسوة بيضاء ، ثمّ نادى : « يا قنبر ، أخرج إليّ ذلك الفرس » ، فأخرج فرسا آخر أدهم فقال عليهالسلام : « اركب يا عبد الله » قال سلمان : فركبته فإذا له جناحان ملتصقان إلى جنبه قال : فصاح به الإمام عليهالسلام فتعلّق في الهواء فكنت أسمع حفيف أجنحة الملائكة وتسبيحها تحت العرش ، ثمّ خطونا على ساحل بحر عجاج مغطمط الأمواج ، فنظر إليه الإمام شزرا فسكن البحر من غليانه ، فقلت له : يا مولاي ، أسكن البحر من غليانه من نظرك إليه؟ فقال : صلوات الله عليه وآله : « يا سلمان ، خشي أن آمر فيه بأمر ».
ثمّ قبض أمير المؤمنين على يدي وسار على وجه الماء والفرسان تتبعاننا لا يقودهما أحد فو الله ما أبلّت أقدامنا ولا حوافر الخيل.
قال سلمان : فعبرنا ذلك البحر ورفعنا إلى جزيرة كثيرة الأشجار والأثمار والأطيار والأنهار ، وإذا شجرة عظيمة بلا صدع ولا زهر فهزّها عليهالسلام بقضيب كان في يده فانشقّت وخرجت منها ناقة طولها ثمانون ذراعا وعرضها أربعون ذراعا وخلفها قلوص ، فقال عليهالسلام : « ادن منها واشرب من لبنها » ، قال سلمان : فدنوت منها وشربت حتّى رويت ، وكان لبنها أعذب من الشهد ، وألين من الزبد وقد اكتفيت قال عليهالسلام : « هذا
__________________
(١) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٣٦٣.