وإذا بعليّ قد خرج وهو شديد الحزن على رسول الله صلىاللهعليهوآله فلمّا رآهم قال : « أيّها اليهود ، تريدون عدتكم من رسول الله؟ » قالوا : نعم ، فخرج معهم فسار إلى ظاهر المدينة إلى الجبل الذي صلّى عنده رسول الله صلىاللهعليهوآله فلمّا رأى مكانه تنفّس الصعداء وقال : بأبي وأمّي من كان بهذا الجبل هنيئة ثمّ صلّى ركعتين وإذا بالجبل قد انشقّ وخرجت النوق منه وهي سبع نوق ، فلمّا رأوا ذلك قالوا بلسان واحد : نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّك الخليفة من بعده ، وأنّ
ما جاء به من عند ربّنا هو الحقّ ، وأنّك خليفته حقّا ووصيّه ووارث علمه فجزاك الله وجزاه عن الإسلام خيرا ، ثمّ رجعوا إلى بلادهم مسلمين موحّدين (١).
[٢٤] ومنها : ما روي عن ميثم التمّار أنه قال : كنت بين يدي أمير المؤمنين عليهالسلام في جامع الكوفة في جماعة من أصحابه وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو كأنّه البدر بين الكواكب إذ دخل علينا من باب المسجد رجل طويل عليه قباء خزّ أدكن وقد اعتمّ بعمامة صفراء وهو متقلّد بسيفين ، فدخل وبرك بغير سلام ولم ينطق بكلام ، فتطاولت إليه الأعناق ونظروا إليه بالآماق ، وقد وقف عليه الناس من جميع الآفاق ، ومولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لا يرفع رأسه إليه ، فلمّا هدأت من الناس الحواسّ أفصح من لسان كأنّه حسام جذب من غمده ، أيّكم المجتبى في الشجاعة والمعمّم بالبراعة؟ أيّكم المولود في الحرم والعالي في الشيم والموصوف بالكرم؟ أيّكم أصلع الرأس والبطل الدعّاس والمضيّق للأنفاس والآخذ بالقصاص؟ أيّكم غصن أبي طالب عليهالسلام الرطيب وبطله المهيب والسهم المصيب والقسم النجيب؟ أيّكم خليفة محمّد صلىاللهعليهوآله الذي نصره في زمانه وأعزّ به سلطانه وعظم به شأنه؟
فعند ذلك رفع أمير المؤمنين عليهالسلام رأسه إليه فقال : « ما لك يا با سعد بن الفضل بن الربيع بن المدركة بن نجيبة بن صلت بن الحارث بن عوان بن الأشعث بن أبي السمع
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٤١ : ٢٧٠ ـ ٢٧١ نقلا عن « الفضائل » لابن شاذان : ١٢٩ ـ ١٣٠.