يعطيها أنبياءه ورسله وحججه ليعرف بها صدق الصادق وكذب الكاذب » (١). ونحو ذلك.
وإلى مثل ما ذكرنا أشار المصنف رحمهالله مع بيان الشارح القوشجي بقوله : « ( وطريق معرفته وصدقه ) أي صدق النبيّ صلىاللهعليهوآله ( في ) دعوى النبوّة ( ظهور المعجزة على يده ، وهو ثبوت ما ليس بمعتاد ، أو نفي ما هو معتاد مع خرق العادة ومطابقة الدعوى ) قيّد بذلك احترازا عن الكرامات ؛ فإنّها لا تكون مطابقة للدعوى ؛ ضرورة عدم الدعوى ، لكنّه يخرج الإرهاص والمعجزة المكذّبة لمدّعي النبوّة أيضا ، والمصنّف يسمّيها معجزة ، كما سيأتي.
وأمّا قوله : مع خرق العادة فهو لغو محض ، ولعلّه من طغيان القلم ؛ لكنّه ينبغي أن يذكر هاهنا قيدا آخر ، وهو عدم المعارضة ، ليميّز عن السحر والشعبذة.
والمشهور في تعريف المعجزة أنّه أمر خارق للعادة ، ومقرون بالتحدّي مع عدم المعارضة.
وقيل : ينتقض بما إذا دلّ على خلاف دعواه كمن ادّعى النبوّة ويقول : معجزتي أن أنطق الحجر ، فنطق ، لكنّه قال : إنّه كاذب.
فالأولى في تعريفها أن يزاد على المشهور قولنا : ومطابقة الدعوى.
أقول : قد تطلق المعجزة على مثله كما سيأتي في كلام المصنّف رحمهالله.
وإنّما كان ظهور المعجزة طريقا لمعرفة صدقه ؛ لأنّ الله تعالى يخلق عقيبها العلم الضروري بالصدق ، كما إذا قام رجل في مجلس ملك بحضور جماعة وادّعى أنّه رسول هذا الملك إليهم ، فطالبوه بالحجّة؟ فقال : هي أن يخالف هذا الملك عادته ويقوم على سريره ثلاث مرّات ويقعد ففعل ، فإنّه يكون تصديقا له ومفيدا للعلم الضروري بصدقه من غير ارتياب.
__________________
(١) « علل الشرائع » ١ : ١٤٨ ، الباب ١٠٠ ، ح ١ ؛ « بحار الأنوار » ١١ : ٧١ ، ح ٢.