العجب من اهتمام العقلاء سيّما العلماء في إفساد الدين لإصلاح أمر الظالمين ، ألا لعنة الله على الظالمين.
ومنها : ما أشار بقوله : « ولوجوب الإنكار لو أقدم على المعصية ، فيضادّ أمر الطاعة ويفوت الغرض عن نصبه » ، بمعنى أنّ الإمام لو لم يجب كونه معصوما لجاز إقدامه على المعصية ، ولو جاز إقدامه على المعصية لوجب إنكاره ؛ لصريح نحو قوله تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) (١) ، وهو مضادّ لوجوب الطاعة الثابت بنحو قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٢).
وأيضا ذلك مفوّت للغرض من نصبه ؛ لأنّ الغرض منه امتثال أوامره ، والانزجار عمّا نهى عنه ، واتّباعه فيما يفعله ، ولا يتحقّق ذلك مع الإنكار.
وأورد عليه بأنّ وجوب الطاعة إنّما هو فيما لا يخالف الشرع ، وأمّا فيما يخالفه فالردّ والإنكار وإن يتيسّر فسكوت عن الاضطرار.
وفيه أنّه مستلزم للتقييد في الأمر الواحد المطلق المتعلّق بالرسول وأولي الأمر ؛ حذرا عن لزوم استعمال اللفظ الواحد في المطلق والمقيّد وكون الرسول الذي ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) (٣) ، ويكون شارعا مبيّنا للأحكام فاعلا لما يوجب إنكاره مع اختيار الله القادر المختار المرجوح وترك الراجح عند الأخيار والأشرار.
ومنها : ما أشار بقوله : « ولانحطاط درجته عن أقلّ العوامّ » ، بمعنى أنّه لو أقدم على المعصية ، لكان أقلّ درجة من العوام ؛ لأنّه أعقل وأعرف بقبح المعاصي وحسن الطاعات ، فصدور المعصية منه أقبح منه من العوامّ ، فيلزم من جعله رئيسا ترجيح
__________________
(١) آل عمران (٣) : ١٠٤.
(٢) النساء (٤) : ٥٩.
(٣) النجم (٥٣) : ٣.