انزاحت عنهم النيران وبعدت عنهم الأهوال ، ويردون الجنّة غانمين ظافرين.
ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأبي جهل : يا أبا جهل ، هذه الفرقة الثالثة ، قد شاهدت آيات الله ومعجزات رسول الله ، وبقي الذي لك ، فأيّ آية تريد؟. قال أبو جهل : آية عيسى عليهالسلام كما زعمت أنّه كان يخبر بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم ، فأخبرني بما أكلت اليوم وادّخرته في بيتي ، وزد على ذلك أن تحدّثني بما صنعته بعد أكلي لمّا أكلت كما زعمت أنّ الله قد زادك في المرتبة فوق عيسى عليهالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أمّا ما أكلت وما ادّخرت فأخبرك به وأخبرك بما فعلته في خلال أكلك ، وهذا يوم يفضحك الله فيه لاقتراحك ، فإن آمنت بالله لم تضرّك هذه الفضيحة ، فإن أصررت على كفرك أضف لك إلى فضيحة الدنيا وخزيها خزي الآخرة الذي لا يبيد ولا ينفد ولا يتناهى. قال : وما هو؟
قال : قعدت يا أبا جهل ، تناولت من دجاجة مسمّنة استطبتها ، فلمّا وضعت يدك عليها استأذن عليك أخوك أبو البختري بن هشام فأشفقت أن يأكل منها وبخلت ، فوضعتها تحت ذيلك وأرخيت عليها ذيلك حتّى انصرف عنك.
فقال أبو جهل : كذبت يا محمّد ، ما من هذا قليل ولا كثير ولا أكلت من دجاجة ولا ادّخرت منها شيئا ، فما الذي فعلته بعد أكلي الذي زعمته؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كان معك ثلاثمائة دينار لك وعشرة آلاف دينار ودائع الناس عندك ، المائة والمائتان والخمسة والسبعمائة والألف ونحو ذلك إلى تمام عشرة آلاف قال : كلّ واحد في صرّة وكنت قد عزمت على أن تختانهم ، وقد كنت جحدتهم ومنعتهم ، واليوم لمّا أكلت من هذه الدجاجة وأكلت زورها وادّخرت الباقي ، ودفنت هذا المال مسرورا فرحا باختيانك عباد الله ، واثقا بأنّه قد حصل لك ، وتدبير الله في ذلك خلاف تدبيرك. فقال أبو جهل : وهذا أيضا يا محمّد ؛ فما أصبت منه قليلا ولا كثيرا وما دفنت شيئا ، وقد سرقت تلك العشرة آلاف دينار والودائع التي كانت عندي ، فقال رسول الله : يا أبا جهل ، ما هذا من تلقائي فتكذّبني وإنّما هذا جبرئيل الروح الأمين