فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم. أنشدكم الله أيها الرهط أتعلمون أنّ الذي شتمتموه منذ اليوم ، صلّى القبلتين كليهما ، وأنت يا معاوية بهما كافر تراها ضلالة ، وتعبد اللات والعزى غواية. وأنشدكم الله هل تعلمون أنّه بايع البيعتين كليهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح ، وأنت يا معاوية باحداهما كافر وبالاخرى ناكث. وأنشدكم الله هل تعلمون أنّه أوّل الناس ايماناً ، وإنّك يا معاوية وأباك من المؤلفة قلوبهم تسرّون الكفر وتظهرون الإسلام وتستمالون بالأموال. وأنشدك الله يا معاوية أتذكر يوماً جاء أبوك على جمل أحمر ، وأنت تسوقه وأخوك عتبة يقوده ، فرآكم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : « اللهم العن الراكب والقائد والسائق ». أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أبيك لمّا همّ أن يُسلم ؛ تنهاه عن ذلك :
يا صخر لاتسلمِنْ يوماً فتفضحنا |
|
بعد الذين ببدرٍ أصبحوا فرقا |
خالي وعمّي وعمّ الأم ثالثهم |
|
وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا |
والله لما أخفيت من أمرك أكبر ممّا أبديت ». ثمّ بيّن مساوئ بطانة معاوية : عمرو بن العاص ، والوليد بن عتبة ، وعتبة بن أبي سفيان ، والمغيرة بن شعبة ، وبعد انتهاء اللقاء قال معاوية : « قد أنبأتكم أنّه ممن لاتطاق عارضته ، ونهيتكم أن تسبوه فعصيتموني ، والله ما قام حتى أظلم عليّ البيت ، قوموا عنّي ، فلقد فضحكم الله وأخزاكم بترككم الحزم » (١). وهنالك مناظرات عديدة انعقدت في المدينة والشام بيّن فيها الإمام الحسن عليهالسلام فضائل ومقامات أهل البيت عليهمالسلام ومساوئ معاوية ودوره في مواجهة الحقّ ومؤامراته على رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلى أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ وكان معاوية في جميعها مستسلماً للأمر الواقع لأنّه يخشى من حركة الإمام عليهالسلام ومن حركة أنصاره.
وقد شجعت مواقف الإمام الحسن عليهالسلام غيره على تحدّي معاوية ، فقد تحدّاه عبدالله بن عباس وعبدالله بن جعفر وعبدالله بن الزبير ، وأبو الأسود الدؤلي
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٦ : ٢٨٨ ـ ٢٩٤.