فإنّ استمرار القتال سيؤدي إلى قتله من قِبَل عملاء معاوية المندسّين في جيشه ، وسيتنصّل معاوية من جريمة قتله. أو قد يؤدّي القتال إلى تسليم الإمام عليهالسلام إلى معاوية من قبل رؤساء بعض العشائر أو قادة الجيش ، وفي جميع التقادير سيكون معاوية هو الغالب ، كما ورد ذلك في قول الإمام عليهالسلام : « يزعمون أنّهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثِقْلي وأخذوا مالي. والله لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني ، فيضيع أهل بيتي وأهلي. والله لو قاتلت معاوية ؛ لأخذوا بعنقي حتّى يدفعوني إليه سِلماً ، فوالله لئن اُسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسيره ، أو يمنَّ عليَّ فتكون سُبّة على بني هاشم إلى آخر الدهر » (١).
ثالثاً : إنّ تضحية الإمام الحسن عليهالسلام ستكون بلا صدى ؛ وذلك لقدرة معاوية على احتواء آثارها وتشويه أهدافها ما دام كثير من المسلمين لا يعي طبيعة الصراع ، ويسمع الإشاعات المستمرّة بأنّ الإمام الحسن عليهالسلام كان يقاتل من أجل السلطة ، أو بدوافع قبليّة موروثة في الصراع بين بني هاشم وبني أميّة.
رابعاً : إنّ التضحية ستؤدّي إلى القضاء على الإمامين الحسن والحسين عليهماالسلام وبقيّة بني هاشم ، والصفوة الخيّرة الصالحة من أتباع أهل البيت عليهمالسلام ، وبالتالي ستخلو الساحة لمعاوية وأنصاره دون معارضين ودون غيورين ومصلحين ، وخلوّ الساحة يشجّع معاوية وأتباعه على قلب المفاهيم الإسلاميّة ، وتغيير القيم ، وإعادة الجاهليّة بلباس إسلامي جديد ، وهو ما فعله معاوية ومهّد له بعد الصلح إلى أن توج ذلك بمصرع سيد الشهداء الإمام الحسين عليهالسلام.
خامساً : قلّة الأنصار المخلصين للإمام الحسن عليهالسلام. وقد عبّر الإمام عليهالسلام عن ذلك بقوله : « والله ما سلّمت الأمر إليه إلاّ أنّي لم أجد أنصاراً ، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري » (٢). وقال عليهالسلام في موقف آخر : « وقد خذلتني الأُمّة وبايعتك
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٤ : ٢٠ / ٤.
(٢) بحار الأنوار ٤٤ : ١٤٧ / ١٤.