وشكا جوعه إلى الله عزّ وجل ، وبات طاوياً وأصبح صائماً جائعاً صابراً حامداً لله ، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعاً بطاناً ، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعام ، قال : فأوحى الله عزّ وجل إلى يعقوب : في صبيحة تلك الليلة : لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ، ونزول عقوبتي ، وبلواي عليك وعلى ولدك » (١).
وعن بعض أصحابنا قال : لما وضع علي بن الحسين عليهماالسلام على السّرير ليُغسل نظر إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل ممّا كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين (٢).
وكان أئمة أهل البيت : يحرصون على أداء صدقة السرّ ، فيحملون الأطعمة في الليالي المظلمة للناس ، ضاربين بذلك أروع أمثلة التكافل ، وكان الناس سرعان ما يكتشفون أن الرجال الذين يوزعون عليهم الأطعمة والمعونات في الخفاء هم أهل البيت :.. هيهات تكتم في الظلام مشاعل. فعلى سبيل الاستشهاد كان الإمام السجاد عليهالسلام يعول مائة بيت من فقراء المدينة ، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والأضرّاء والزمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم ، وكان يناولهم بيده ، ومن كان له منهم عيال حمله إلى عياله من طعامه ، وكان لا يأكل طعاماً حتى يبدأ فيتصدق بمثله (٣).
وهناك شهود عدول يروون لنا بأمانة مشاهداتهم عن سلوك أهل
________________
(١) علل الشرائع ١ : ٤٦ / ١ باب ٤١.
(٢) علل الشرائع ١ : ٢٣١ / ٦ باب ١٦٥.
(٣) الخصال / الصدوق : ٥١٨ / ٤ أبواب العشرين وما فوقه.