على أن الإمام الصادق عليهالسلام يميز بين الخدمة والاستخدام ، فالخدمة حالة حضارية إيجابية تستتبع الفائدة والمنفعة ، بينما الاستخدام يفيد الاستغلال والاستهانة بالطرف المقابل ، فالخدمة مطلوبة ومندوبة بينما الاستخدام مذموم. قال عليهالسلام : « اخدم أخاك ، فإن استخدمك فلا وكرامة » (١).
وهما قيمتان أساسيتان تحثان على التكافل بصورة علنية أو ضمنية. ورسولنا الأكرم صلىاللهعليهوآله قد حدد لنا المقياس السليم الذي رسمه الإسلام للسيادة بقوله : « سيّد القوم خادمهم » (٢) ، فالخدمة كما أسلفنا تحمل في أحشائها دعوة ضمنية إلى التكافل ، أما الدعوة العلنية إلى التكافل فتظهر واضحة في مفهوم أمير المؤمنين عليهالسلام للسيادة الذي يتضمن أبعاداً اجتماعية تكافلية ، قال عليهالسلام : « السيّد من تحمّل المؤونة وجاد بالمعونة » (٣). وعنه عليهالسلام : « السيّد من تحمّل أثقال إخوانه » (٤). فأمير المؤمنين عليهالسلام ينفي السيادة الاجتماعية ـ وليس السيادة النسبية لمن أنتسب لرسول الله صلىاللهعليهوآله وأهل بيته الأطهار ـ عن الأفراد الذين يتمحورون حول ذواتهم ومنافعها ، ولا يشاركون غيرهم في النوائب والمصائب ، ولا ينظرون بعين العطف إلى المساكين والمحتاجين ، فهؤلاء لا يستحقون وسام السيادة وإن ادّعوها ، قال عليهالسلام : « ما ساد من احتاج إخوانه
________________
(١) الاختصاص ، / الشيخ المفيد : ٢٤٣ ، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم.
(٢) مكارم الأخلاق / الطبرسي : ٢٥١ ، منشورات الشريف الرضي ، ط ٦ / ١٣٩٢ ه.
(٣) عيون الحكم والمواعظ : ٤٨.
(٤) عيون الحكم والمواعظ : ٦٠.