كلمة المركز
اللهمّ لك الحمد والثناء والعظمة والكبرياء ، وصلى الله على نبّينا محمد أشرف المرسلين والأنبياء ، وآله آل ياسين المطهّرين الأوفياء. أمّا بعد..
هناك جملة من المبادىء الإنسانيّة الرفيعة المشتركة بين أهل الأديان وغيرهم ، مدعاة لفخر المتمسك بها سواء كان أمّة أو شعباً أو فرداً ، ويأتي في طليعتها مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يعني تحسّس الإنسان آلام أخيه الإنسان معنوية كانت أو مادّية.
وما موقف الإسلام العظيم تجاه هذا المبدأ الشريف إلاّ موقف المقنّن له ، والمشجّع عليه ، والمحذّر من تركه أو التهاون بشأنه.. وهكذا ضمن بقاءه من خلال التأكيد عليه في تشريعاته القانونية ، حتى جعل له نظاماً خاصّاً وهو ما يعرف بنظام الحقوق الشرعية بشقّيها الواجبة والمستحبّة التي خصّ بها الفئات المحرومة من الناس ولم يفرّق في ذلك بين حرّ أو عبد ، مسلم أو غير مسلم ، رجل أو امرأة.
ومن روعة الإسلام في هذا المبدأ أنّه هذَّب نفوس المسلمين تجاهه ، رافعاً شعاره ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) ، موصيا كلّ مسلم بقوله : « أحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك واكره له ما تكره لها » ؛ كلّ هذا بهدف أن تكون العلاقات الاجتماعية علاقات متينة مرتبطة برباط وثيق محكم ، يتفرّغ معها القائم بمساعدة الآخرين عن كلّ إحساس أو شعور بالفضل عليهم ، تماماً كمن يقوم بأداء واجبه المطلوب ، بحيث يكون العطاء نابعاً عن نفس صافية وروح إيمانية عالية لدرجة لا يكون في ظلالها معبّراً عن الفضل والإحسان بقدر ما يعبّر عن أداء الواجب ، وبهذا يضمن صدوره عن تصرّف مسؤول وواع ، وبطريقة عفوية لا أثر فيها لتكلّف أو منّة أو إلزام.
وممّا يقرّب من روعة الصورة التي أرادها الإسلام أن تكون في هذا المبدأ أنّه عدّ الفقير شريكا للغني في أمواله بمقدار ماله من حصّة شرعية فيها ؛ لكي لا يكون الدفع المستحقّ إليه خارجاً عن دائرة الاستحقاق بأي نحو كان. ما دام عنوان الدفع هو الشركة بين إثنين.
وفي
هذا يقول إمامنا الصادق عليهالسلام : « إنّ الله أشرك
بين الأغنياء والفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم ». كما نجد في مدرسة أهل البيت : بياناً شافياً
لعظمة الدور الاجتماعي في مسألة التكافل فيما يمثّله من قيمة عالية في ميزان الشرع
الحنيف بحيث يكون بالمستوى الذي يفوق فيه بعض الممارسات العبادية العظيمة عند الله عزّوجل
كالحج !! ممّا يشير هذا إلى عظمة وخطورة الدور الاجتماعي في باب التكافل ، ويوحي بامتداداته
الواسعة التي يُتقرّب بها إلى الله عزّوجل كعبادة مثالية عظيمة ، تتميّز بدرجاتها
الرفيعة على