بالآخرين. والقرآن في عشرات الآيات يحثّ على الإنفاق ويمتدح الذين يمارسونه في السّر والعلن ، وينوّه بمعطياته الاجتماعية. ومن هذه الآيات قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) (١).
والقرآن يمتدح الإنفاق المؤدي إلى النفع ويذمه إذا أدى إلى المنّ أو الضَّرر ، لأنه لا يؤدي غايته التكافلية المطلوبة ، قال تعالى : ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواْ مَنّا وَلاَ أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٢).
والإنفاق الخالص لوجه الله تعالى محمود في جميع الأوقات والحالات ، فهو يمتد كخيط متين لربط أفراد المجتمع فيما بينهم ويستأصل شأفة الفقر كأكبر آفة اجتماعية ، قال تعالى : ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٣).
ويرى العلامة الطباطبائي ; بأنّ استيفاء الأزمنة والأحوال في الإنفاق للدلالة على اهتمام هؤلاء المنفقين في استيفاء الثواب ، وإمعانهم في ابتغاء مرضاة الله ، وإرادة وجهه ، فوعدهم الله تعالى وعدا حسناً بلسان الرأفة
________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٧.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٢.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٧٤.