المذاهب في الاحكام ، ويفتي أحدهم بما لا يفتي به صاحبه في جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى باب الديات من العبادات والاحكام والمعاملات والفرائض وغير ذلك ، مثل اختلافهم في العدد والرؤية في الصوم ، واختلافهم في أن التلفظ بثلاث تطليقات هل يقع واحدة أم لا ، ومثل اختلافهم في باب الطهارة في مقدار الماء الذي لا ينجسه شئ ، ونحو اختلافهم في حد الكر ، ونحو اختلافهم في استئناف الماء الجديد لمسح الرأس والرجلين ، واختلافهم في اعتبار أقصى مدة النفاس ، واختلافهم في عدد فصول الاذان والاقامة وغير ذلك في سائر أبواب الفقه حتى أن بابا منه لا يسلم إلا وجدت العلماء من الطائفة مختلفة في مسائل منه أو مسألة متفاوتة الفتاوي.
وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام في الاحاديث المختلفة التي يختص الفقه في كتابي المعروف بالاستبصار وفي كتاب تهذيب الاحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث ، وذكرت في أكثرها إختلاف الطائفة في العمل بها ، وذلك أشهر من أن يخفي).
فقد تخيل المحقق الكاشاني دلالة هاتين الجملتين على : أن الشيخ لا يذكر في كتابيه إلا الروايات المأخوذة من الكتب المعتمدة ، المعول عليها عند الاصحاب ، ولكن من الظاهر أن هذا تخيل لا أساس له ، ولا دلالة في كلام الشيخ على أن جميع روايات كتابيه مأخوذة من كتاب معروف أو أصل مشهور ، بل ولا إشعار فيه بذلك أيضا.
على أن الشيخ ذكر أن عدم إنكار الحديث الموجود في كتاب معروف أو أصل مشهور إنما هو فيما إذا كان الراوي ثقة ، فأين شهادة الشيخ بأن جميع روايات الكتاب المعروف ، أو الاصل المشهور صحيحة ، ولا ينكرها الاصحاب؟.
ومما يؤيد ما ذكرناه أن الشيخ ذكر في غير مورد من كتابيه : أن ما رواه ، من الرواية ضعيف لا يعمل به ، وقد رواها عن الكتب التي روى بقية الروايات عنها ، فكيف يمكن أن ينسب إليه أنه يرى صحة جميع روايات تلك الكتب؟ وثانيا : لو سلمنا أن الشيخ شهد بصحة جميع روايات كتابيه ، فلا تزيد هذه الشهادة على شهادة الصدوق بصحة جميع روايات كتابه ، فيجري فيها ما ذكرناه في شهادة الصدوق من أن الشهادة على صحة الحديث وحجيته لا تكون حجة في