جهة دعوى الكشي الاجماع على التصحيح ، والشيخ بنفسه أيضا لم يدع ذلك في حق أحد غير الثلاثة المذكورين في كلامه.
ومما يكشف عما ذكرناه ـ من أن نسبة الشيخ التسوية المذكورة إلى الاصحاب مبتنية على اجتهاده ، وهي غير ثابتة في نفسها ـ إن الشيخ بنفسه ذكر رواية محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (١). ثم قال في كلا الكتابين : (فأول ما فيه أنه مرسل ، وما هذا سبيله لا يعارض به الاخبار المسندة).
وأيضا ذكر رواية محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام (٢).
وقال في التهذيب : (وهذا خبر مرسل) ، وقال في الاستبصار : (فأول ما في هذا الخبر أنه مرسل) وغير ذلك من الموارد التي ناقش الشيخ فيها بالارسال ، وإن كان المرسل ابن أبي عمير أو غيره من أصحاب الاجماع.
وتقدم عند البحث عن قطعية روايات الكتب الاربعة مناقشته في رواية ابن بكير وابن فضال ، وأنهما مرسلان لا يعارض بهما الاخبار المسندة.
وثانيا : فرضنا أن التسوية المزبورة ثابتة ، وأن الاصحاب عملوا بمراسيل ابن أبي عمير ، وصفوان ، والبزنطي وأضرابهم. ولكنها لا تكشف عن أن منشأها هو أن هؤلاء لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة ، بل من المظنون قويا أن منشأ ذلك هو بناء العامل على حجية خبر كل إمامي لم يظهر منه فسق ، وعدم اعتبار الوثاقة فيه ، كما نسب هذا إلى القدماء ، واختاره جمع من المتأخرين : منهم العلامة ـ قدس سره ـ على ما سيجئ في ترجمة أحمد بن إسماعيل بن عبد الله. وعليه فلا
______________
(١) التهذيب : الجزء ٨ ، باب العتق وأحكامه ، الحديث ٩٣٢.
والاستبصار : الجزء ٤ ، باب ولاء السائبة ، الحديث ٨٧.
(٢) التهذيب : ج ١ ، باب المياه واحكامها ، الحديث ١٣٠٩ والاستبصار : الجزء ١ باب مقدار الماء الذي لا ينجسه شئ ، الحديث ٦.