قبله ، وبإمكان موته قبل مجيء الغد فيسقط ، ولأن تعليقه الأكل على مجيء الغد تعليق بما لا يقدر عليه الحالف ، فكيف يحنث قبل حصوله؟ ومن هنا جزم الكركي وتبعه ثاني الشهيدين بمراعاة وجوبها ببقائه إلى الغد ، وتمكنه من أكله لو كان موجودا ـ لا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرناه.
ثم قال الثاني : وربما بني الحكم على جواز التكليف مع علم الأمر بانتفاء شرطه ، وقد مر البحث فيه في الصوم إذا طرأ المانع في أثناء النهار وقد أفسده قبله باختياره (١) ، وقد يفرق بين المقام وبينه بأنه هنا لم يتم سبب الوجوب قطعا ، لتعليق اليمين على أمر متجدد ولم يحصل بعد ، بخلاف مسألة الصوم المفروضة فيما إذا اجتمعت الشرائط وتم السبب ، وإنما طرأ بعد ذلك ما أبطله ، فلا يبعد القول بوجوب الكفارة ، لاجتماع شرائط التكليف في ابتداء الفعل بخلاف محل الفرض.
إلا أن الجميع كما ترى ، ضرورة تحقق مخالفة اليمين وصدقها المقتضية للحنث والتكفير حتى لو مات قبل الغد ، لأنه مكلف بأكله في الغد الذي هو قيد في الحقيقة للمأمور به لا الأمر ، بل لا يكاد ينكر كون المراد من نحو المثال عرفا « إني لا آكله إلا غدا » وإن تحقق الحنث بأكله اليوم ووجب التكفير معجلا فهو ليس من قبيل الموقت ، ولأن المراد منه إن جاء غد لأكلته ، فلا وجه لتشبيهه بالصوم ونحوه ، بل لو كان هو الصوم التي من شرائط التكليف به أيضا عدم حصول البطلان في أثنائه فقد ذكرنا وجوب الكفارة عليه أيضا ، وليس إلا للصدق عرفا المتحقق في المقام ، ولولاه لم يكن وجه لوجوبها عليه ، وإن بقي على صفات التكليف إلى غد الذي فرض أنه من سبب الوجوب فقبله لا تكليف فلا حنث ، فما سمعته من الكركي وثاني الشهيدين من المراعاة واضح الضعف ، فتأمل.
( وكذا ) الكلام ( لو هلك الطعام قبل الغد أو في الغد بشيء من جهته )
_________________
(١) راجع ج ١٦ ص ٣٠٦.