الجملة كعمل رد الآبق والضالة الذي يصدق عليه كون العمل معينا بالمعنى المزبور ، بل جواز الجعالة على مثله من قطعيات الفقه ، بل عن الشافعية في أحد الوجهين اشتراط جهالة العمل في الجعالة ، لأنه الثابت من شرعيتها ، فلا يصح على المعلوم وإن كان فيه ما لا يخفى ، بل صحتها على المعلوم نحو « من خاط ثوبي هذا » أو « حج عني فله درهم » أولى ، كما هو واضح. هذا كله في العمل.
( وأما العوض فـ ) عن المبسوط والوسيلة وجملة من كتب الفاضل أنه ( لا بد أن يكون معلوما بالكيل أو بالوزن أو العدد إن كان مما جرت العادة بعده ) بل في المسالك وعن الكفاية والمفاتيح المشهور بين الأصحاب اشتراط كون العوض معلوما في صحة الجعالة مطلقا كما يشترط ذلك في عوض الإجارة بل عن جامع المقاصد أطلق الأصحاب عدم جواز كون الجعل مجهولا ، وعن الإيضاح ومجمع البرهان نسبته إلى الأصحاب.
وظاهر ذلك ـ كما عن المبسوط والتذكرة التصريح به ـ فساد العقد مع الجهالة ، لكن عن الإيضاح أن المانع من جهالته لا يقول إنه يبطل أصل العقد ، وإنما يبطل المسمى ، فلو جعل له جعلا مجهولا صحت الجعالة وكانت له أجرة المثل.
ولعله إليه أشار في المسالك ، فإنه قال : « وحيث كان العوض مجهولا ولم نقل بصحته فسد العقد ، وثبت العمل بأجرة المثل ، ومثله ما لو قال : إن فعلت كذا فأنا أرضيك أو أعطيك شيئا أو نحو ذلك ـ ثم قال ـ : وربما قيل بعدم فساد العقد بذلك ، وإن أجرة المثل حينئذ هي العوض اللازم للعمل بواسطة الجعالة ، وهو بعيد ».
قلت : لكن قد حكى هو قبل ذلك إطباقهم على صحة الجعالة مع عدم تعيين الجعل ، ولزوم اجرة المثل ، ونحوه في الروضة ، وفي الدروس « ولو كان مجهولا فاجرة المثل قولا واحدا من دون تعرض لبطلان الجعالة » قلت : لا يخفى عليك أن القول بالصحة جعالة في مثل الفرض في غاية البعد ، بل هو إما جعالة فاسدة ،