أمرها بالعكس ، إذ الأصل جواز أكل التمرة إلا ما علم تحريمه بالحلف ، فما لم يعلم يبقى على أصل الحل ، وكذا القول في نظائره من الأعداد المشتبهة بغيرها المخالف لها في الحكم ، فإنه يعمل فيه بالأصل من حل وحرمة وطهارة ونجاسة ، هذا من حيث الحنث وعدمه ، وهل حل التناول ملازم لعدم الحنث؟ المشهور ذلك ، وهو الذي أطلقه المصنف ، واستقرب العلامة وجوب اجتناب المحصور الذي لا يشق تركه ، لأنه احتراز عن الضرر المظنون ، ولا جرح فيه ، ويؤيده قوله صلىاللهعليهوآله (١) : « ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال ».
وفيه مالا يخفى إن كان مراده مدخلية الحنث في ذلك ، ضرورة عدم حصوله وإن قلنا بالوجوب من باب المقدمة ، حتى لو اشتبهت الامرأة المحلوف عليها في غيرها إلا مع نكاح الجميع ، كما هو واضح ، والله العالم.
المسألة ( الثالثة : )
( إذا حلف ليأكلن هذا الطعام غدا فـ ) لا إشكال في الحنث إذا أخره عنه اختيارا ، وعدمه إذا أكله فيه ، بل جزم المصنف تبعا للمحكي عن الخلاف والمبسوط والجامع بأنه ( إن أكله اليوم حنث ، لتحقق المخالفة ، ويلزمه التكفير معجلا ) لاندراجه فيما دل على ذلك من الكتاب (٢) والسنة (٣) بل التوقيت كما يقتضي نفي الفعل فيما بعد الوقت المقدر يقتضيه قبله ، فكأنه حلف أن لا يأكله قبل الغد ولا بعده ، فكما يحنث بالتأخير يحنث بالتقديم ، لأن معناه لا آكله إلا غدا.
وحينئذ فما أشكله به بعضهم ـ من أن الحنث لا يتحقق إلا بمخالفة اليمين بعد انعقادها ، ولم يحصل قبل الغد الذي هو تمام سبب الوجوب ، فلا يحصل المسبب
_________________
(١) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ ط الحديث.
(٢) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ٨٩.
(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ و ٢٤ ـ من كتاب الايمان.