أبطل اعتكافه بالجماع ، وبخبري محمد بن مسلم (١) وأبي بصير (٢) المتقدمين سابقا الدالين على وجوب إعادة المريض والحائض الاعتكاف بعد البرء والطهارة ، وإن أجيب عن الأولى بأنها مطلقة لا عموم فيها ، وتصدق بالجزء والكل ، فيكفي في العمل بها تحققها في بعض الصور ، فلا يكون حجة في الوجوب ، على أنه لو سلمنا عمومها لم يلزم من ذلك الوجوب ، لاختصاصها بجماع المعتكف كما ستقف عليه ، ولا امتناع في وجوب الكفارة بذلك في الاعتكاف المستحب ، وبنحو ذلك عن الثانية ، وإن كان قد يناقش أولا بأن الإطلاق حجة كالعموم ، وبأن الكفارة على ما عهد من الشرع انما تجب في مقام الوجوب المستلزم مخالفته للعقوبة ، فتكون الكفارة لدفع تلك العقوبة ، وهذا لا يعقل في المستحب الذي لا يترتب فيه على تركه عقوبة ، وانما غاية ذلك عدم الثواب عليه ، وكيف يمكن القول بوجوب الكفارة في الاعتكاف المستحب.
ولكن مع ذلك كله فلا ريب في أن الأول أظهر لصراحة الصحيحين (٣) السابقين الحاكمين على غيرهما ، وإن كان الأخير أحوط ، بل لا يخلو من قوة ، والله أعلم.
هذا كله مع عدم الشرط في الاعتكاف والنذر وأما لو شرط في حال نذره الرجوع إذا شاء وقلنا بصحة هذا الشرط فيه كان له ذلك في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من كتاب الاعتكاف ـ الحديث ١ وهو صحيح عبد الرحمن بن الحجاج كما تقدم في ص ١٨٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من كتاب الاعتكاف ـ الحديث ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من كتاب الاعتكاف ـ الحديث ١ و ٣.