ـ فانهم قالوا : لترسلن الى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا ابن عفان ، أو لنسلمنك الى عدوك.
فقفل الأشتر راجعا إلى الامام والحزن قد استولى عليه لضياع أمله المنشود ، فقد ظفر بالفتح واهريقت دماء جيشه حتى اشرف على النهاية وإذا بتلك المتاعب والجهود تذهب سدى لمكر ابن العاص ، وخاطب اولئك الاراذل بشدة وصرامه منددا بهم قائلا :
« يا أهل الذل والوهن ، أحين علوتم القوم فظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟! وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وسنة من أنزلت عليه ، فلا تجيبوهم ، أمهلوني فواقا ، فاني قد أحسست بالفتح. »
فانطلق هؤلاء المتمردون مظهرين له الغي والعناد قائلين بلسان واحد « لا. لا. »
ـ امهلوني عدوة الفرس ، فاني قد طمعت في النصر.
ـ إذن ندخل معك في خطيئتك.
وانبرى الأشتر يحاججهم ويقيم لهم الأدلة على خطل رأيهم وبعدهم عن الصواب حدثوني عنكم ـ وقد قتل أماثلكم وبقى أراذلكم ـ متى كنتم محقين ، أحين كنتم تقتلون أهل الشام ، فانتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون ، أم انتم الآن فى إمساككم عن القتال محقون؟ فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم وكانوا خيرا منكم ، في النار. »
ولم يجد هذا الكلام المشفوع بالأدلة معهم شيئا فأجابوه :
« دعنا منك يا أشتر قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله ، إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا »