الصادق عليهالسلام عن الرقى هل تدفع من القدر شيئا؟ فقال : هي من القدر. (١) «ص ٧١ ـ ٧٢» أقول : قال الشيخ المفيد رحمه الله في شرح هذا الكلام : عمل أبوجعفر في هذا الباب على أحاديث شواذ لها وجوه تعرفها العلماء متى صحت وثبت أسنادها ، ولم يقل فيه قولا محصلا ، وقد كان ينبغي له لما لم يعرف للقضاء معنى أن يهمل الكلام فيه والقضاء معروف في اللغة ، وعليه شواهد من القرآن فالقضاء على أربعة أضراب : أحدها الخلق ، والثاني الامر ، والثالث الاعلام ، والرابع القضاء بالحكم : فأما شاهد الاول فقوله تعالى : «فقضيهن سبع سموات» (٢) وأما الثاني فقوله تعالى : «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه» (٣) وأما الثالث فقوله تعالى : «وقضينا إلى بني إسرائيل» (٤) وأما الرابع فقوله : «والله يقضي بالحق» (٥) يعني يفصل بالحكم بالحق بين الخلق ، وقوله : «وقضي بينهم بالحق». (٦) وقد قيل : إن للقضاء معنى خامسا وهو الفراغ من الامر ، واستشهد على ذلك بقول يوسف عليهالسلام : «قضي الامر الذي فيه تستفتيان» (٧) يعني فرغ منه ، و هذا يرجع إلى معنى الخلق.
وإذا ثبت ما ذكرناه في أوجه القضاء بطل قول المجبرة : أن الله تعالى قضى بالمعصية على خلقه لانه لا يخلو إما أن يكونوا يريدون به أن الله خلق العصيان في خلقه فكان يجب أن يقولوا : قضى في خلقه بالعصيان ، ولا يقولوا قضى عليهم لان الخلق فيهم لا عليهم ، مع أن الله تعالى قد أكذب من زعم أنه خلق المعاصي بقوله سبحانه : «الذي
________________
(١) تقدم الحديث مسندا تحت رقم ١ عن كتاب قرب الاسناد ، وأورده الصدوق في ص ٣٩٠ من التوحيد باسناد آخر وهو هكذا : الدقاق ، عن محمد بن أبي عبدالله الكوفى ، عن موسى بن عمران النخعى ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلى ، عن على بن سالم ، عن أبى عبدالله عليهالسلام قال : سألته عن الرقى أتدفع من القدر شيئا؟ فقال : هى من القدر ، وقال عليهالسلام : إن القدرية مجوس هذه الامة ، وهم الذين أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه من سلطانه ، وفيهم نزلت هذه الاية : «يوم يسحبون في النار على وجوههم ذو قوامس سقر إنا كل شئ خلقناه بقدر»
(٢) حم السجدة : ١٢.
(٣) اسرى : ٢٣.
(٤) اسرى : ٤.
(٥) المؤمن : ١٠.
(٦) الزمر : ٦٩.
(٧) يوسف : ٤١.