مختلفة جاز أن يوقع الاستثناء على المعنى فيقول : إلا أن يشاء الله أن نتفق في الملة بأن ترجعوا أنتم إلى الحق.
فإن قيل : وكان الله ما شاء أن ترجع الكفار إلى الحق؟ قلنا : بلى قد شاء ذلك إلا أنه ما شاء على كل حال ، بل من وجه دون وجه ، وهو أن يؤمنوا ويصيروا إلى الحق مختارين ليستحقوا الثواب الذي أجرى بالتكليف إليه ، ولو شاءه على كل حال لما جاز أن لا يقع منهم. (١)
وسادسها أن يكون المعنى : إلا أن يشاء الله أن يمكنكم من إكراهنا ويخلي بينكم وبينه فنعود إلى إظهارها مكرهين ، ويقوي هذا الوجه قوله تعالى : «أولو كنا كارهين». وسابعها أن يكون المعنى : إلا أن يشاء الله أن يتعبدنا بإظهار ملتكم مع الاكراه لان إظهار كلمة الكفر قد سن في بعض الاحوال إذا تعبد الله تعالى بإظهاره ; وقوله : «أولو كنا كارهين» يقوي هذا الوجه أيضا.
فإن قيل : فكيف يجوز من نبي من أنبياء الله تعالى أن يتعبد بإظهار الكفر و خلاف ما جاء به من الشرع؟ قلنا : يجوز أن يكون لم يرد بالاستثناء نفسه بل قومه فكأنه قال : وما يكون لي ولا لامتي أن نعود فيها إلا يشاء الله أن يتعبد امتي باظهار ملتكم على سبيل الاكراه ، وهذا جائز غير ممتنع.
وقال طيب الله رمسه : إن سأل سائل عن تأويل قوله تعالى : «فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحيوة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون» (٢) فقال : كيف يعذبهم بالاموال والاولاد ومعلوم أن لهم فيها سرورا ولذة؟ وما تأويل
________________
(١) وفيه بعد ذلك زيادة وهى قوله : فكان شعيبا عليهالسلام قال : ان ملتنا لا تكون واحدة أبدا الا أن يشاء الله أن يلجئكم إلى الاجتماع معنا على ديننا وموافقتنا في ملتنا ، والفائدة في ذلك واضحة ، لانه لو اطلق أنا لا نتفق أبدا ولا تصير ملتنا واحدة لتوهم متوهم أن ذلك مما لا يمكن على حال من الاحوال فافاد بتعليقه له بالمشية هذا الوجه ، ويجرى قوله تعالى : «الا أن يشاء الله» مجرى قوله تعالى : «ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا». ج ٢ ص ٦٥.
(٢) التوبة : ٥٥.