الظنّة ، فضرب على أكثر مباحثها ومبانيها خطَّ الترقين والبطلان ، فهذا نجومهم وقد كانوا مشغوفين بها مقرَّبين بذلك عند الملوك وهذا هيئتهم البطلميوسيّة وأفلاكهم التسعة الّتي كانت شقيقاً للعقول العشرة (١) ، وهذا فلسفتهم في الطبيعيّات ومن شعبها طب الابدان والنفوس قد صارت هباء منثوراً (٢) كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء ممّاكسبوا . . . .
________________________
(١) وقد كانوا يزعمون أن الواحد لا يصدر منه الا الواحد ، فالصادر الاول هو العقل الاول وهذا الصادر الاول صدر منه العقل الثاني والفلك الاول ، وصدر من العقل الثاني العقل الثالث والفلك الثاني . . . . وانما أنهوا عدد العقول الى العشرة ليتم لهم القول بوجود الافلاك التسعة ، ولو كانوا قائلين بمائة فلك ، لاحتاجوا أن يقولوا بوجود مائة و واحد من العقول ، ولو اكتفوا بوجود أربعة أفلاك لقالوا بوجود خمس عقول .
وأما قولهم بالافلاك التسعة فقد أحوجهم الى القول بها تعليل حركات الكواكب من حيث مسيرها ولذلك أيضاً احتاجوا أن يقولوا بالافلاك التدويرية الكثيرة ، تعليلا لحركات بعض الاجرام الشاذة من حيث المسير ، واذا كان فلك القمر وهو بزعمهم لا يقبل الخرق والالتيام قد خرقوا جوها ونزلوا عليها وهكذا فلك المشترى وزهرة أنزلوا عليهما سفائنهم ، فما بالهم يعرجون على أهوائهم وتصوراتهم الكاسدة ؟! نعوذ بالله من العمى .
(٢) وقد كنت أنا في أوائل تحصيلي في المشهد الرضوي أقرء شرح الاشارات على شيخي المعروف بالشيخ هادي الكدكني أعزه الله ، فيقرء عليّ وعلى نفرين آخرين من أصدقائي بحث اتصال الجسم الطبيعي ويقيم برهان الشيخ على ذلك بالطفرة وأمثالها ، و كنت أنا في نفسي أضحك على ذلك ، لما كنت أعرف من الفلسفة الجديدة التجربية أن الجسم الطبيعي متألف من الجواهر وكل جوهر متألف من أجزاءِ صغار جداً وبين كل جزء من هذه الاجزاء فاصلة تناسب الفاصلة بين الارض والشمس بعد التحفظ على رعاية صغر الاجسام وكبرها .