في تسليم الوزارة له ، ولعلّ حبّ المستنصر ـ كأبيه ـ للعلويين وعطفه عليهم واهتمامه بشئونهم هو السبب في هذه العلاقة الأكيدة القوية ، وفي تدعيمها واستمرارها طوال تلك السنين » (١).
ويذكر السيّد ابن طاوس في مؤلّفاته محاولات الخليفة المستنصر لإقناعه بقبول منصب الافتاء تارة (٢) ، ونقابة الطالبيين تارة أخرى (٣) ، حتى وصل الأمر بأن عرض عليه الوزارة ، فرفضها ، مبررا ذلك بقوله للمستنصر :
« إن كان المراد بوزراتي علي عادة الوزراء يمشّون أمورهم بكل مذهب وكل سبب ، سواء كان ذلك موافقا لرضا الله جلّ جلاله ورضا سيد الأنبياء والمرسلين أو مخالفا لهما في الآراء ، فإنّك من أدخلته في الوزارة بهذه القاعدة قام بما جرت عليه العوائد الفاسدة ، وإن أردت العمل في ذلك بكتاب الله جلّ جلاله وسنة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهذا أمر لا يحتمله من في دارك ولا مماليكك ولا خدمك ولا حشمك ولا ملوك الأطراف ، ويقال لك إذا سلكت سبيل العدل والإنصاف والزهد : إنّ هذا عليّ بن طاوس علوي حسني ما أراد بهذه الأمور إلاّ أن يعرف أهل الدهور أنّ الخلافة لو كانت إليهم كانوا على هذه القاعدة من السيرة ، وأنّ في ذلك ردا على الخلفاء من سلفك وطعنا عليهم » (٤).
وعاد بعد ذلك إلى الحلّة ، والظاهر أنّ عودته كانت في أواخر عهد المستنصر ، فبقي هناك مدة من الزمن ، ثمّ انتقل إلى النجف فبقي فيها ثلاث سنين ، ثمّ انتقل إلى كربلاء ، وكان ينوي الإقامة فيها ثلاث سنين ، ثمّ عاد
__________________
(١) السيّد علي آل طاوس : ٧.
(٢) كشف المحجة : ١١١.
(٣) نفس المصدر : ١١٢.
(٤) كشف المحجة : ١١٤.