يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا .
بيان : المنحة : العطاء .
يا هشام لا دين لمن لا مروّة له ، ولا مروَّة لمن لا عقل له : وإنَّ أعظم الناس قدراً الّذي لا يرى الدنيا لنفسه خطراً ، أما إنَّ أبدانكم ليس لها ثمن إلّا الجنّة ، فلا تبيعوها بغيرها .
بيان : المروَّة ، الإنسانيّة وكمال الرجوليّة ، وهي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب . والخطر : الحظُّ والنصيب ، والقدر والمنزلة ، والسبق الّذي يتراهن عليه ، والكلّ محتمل .
يا هشام إنَّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقول ، لا يجلس في صدر المجلس إلّا رجل فيه ثلاث خصال ، يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ، ويشير بالرأي الّذي فيه صلاح أهله ، فمن لم يكن فيه شيء منهنّ فجلس فهو أحمق . وقال الحسن بن عليّ عليهالسلام إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها ، قيل : يا بن رسول الله ومن أهلها ؟ قال : الّذين قصَّ الله في كتابه وذكرهم ، فقال : إنّما يتذكّر اُولوا الألباب . قال : هم اُولوا العقول . وقال عليُّ بن الحسين عليهالسلام ، مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح ، وأدب العلماء زيادة في العقل ، وطاعة ولاة العقل تمام العزّ ، واستتمام المال تمام المروَّة ، وإرشاد المستشير قضاءٌ لحقّ النعمة ، وكفُّ الأذى من كمال العقل ، وفيه راحة البدن عاجلاً وآجلاً .
بيان : أدب العلماء زيادة في العقل أي مجالستهم وتعلّم آدابهم ، والنظر إلى أفعالهم وأخلاقهم موجبة لزيادة العقل . واستتمام المال وفي الكافي : استثمار المال ، أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الإنسانيّة وموجب له أيضاً . قوله : قضاء لحقّ النعمة ، أي شكرٌ لحقّ أخيه عليه ، حيث جعله موضع مشورته ، أو شكر لنعمة العقل وهي من أعظم ؛ النعم ، ولعلَّ الأخير أظهر .
يا هشام إنَّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ،
ولا يسأل من يخاف منعه ، ولا يعد ما لا يقدر عليه ، ولا يرجو ما يعنف برجاءه ، ولايتقدَّم على ما يخاف العجز
عنه . وكان أمير المؤمنين عليهالسلام يوصي أصحابه يقول : اُوصيكم بالخشية من الله في السّر و العلانية ، والعدل في الرضاء والغضب ، والاكتساب في الفقر والغنى ، وأن تصلوا من