قطعكم ، وتعفوا عمَّن ظلمكم وتعطفوا على من حرّمكم ، وليكن نظركم عبراً ، وصمتكم فكراً ، وقولكم ذكراً ، وإيّاكم والبخل ، وعليكم بالسخاء ، فإنّه لا يدخل الجنّة بخيل ، ولا يدخل النار سخيُّ .
بيان : التعنيف : اللوم والتعيير بعنف ، وترك الرفق والغلظة ، وكلاهما محتمل والسرّ والعلانية بالنظر إلى الخلق . والرضاء والغضب أي سواء كان راضياً عمّن يعدل فيه أو ساخطاً عليه ، والحاصل أن لا يصير رضاه عن أحد أو سخطه عليه سبباً للخروج عن الحقّ ، والاكتساب يحتمل اكتساب الدنيا والآخرة .
يا هشام رحم الله من استحيا من الله حقّ الحياء : فحفظ الرأس وما حوى ، والبطن وما وعى ، وذكر الموت والبلى وعلم أنّ الجنّة محفوفةٌ بالمكاره ، والنار محفوفةٌ بالشهوات .
بيان : وما حوى أي ما حواه الرأس ، من العين والاُذن واللّسان وسائر المشاعر بأن يحفظها عمّا يحرم عليه . والبطن وما وعى ، أي ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكونا من حرام ، والبلى بالكسر ، الاندراس والاضمحلال في القبر قال في النهاية ، فيه الاستحياء من الله حقّ الحياء أن لا تنسوا المقابر والبلى . والجوف وما وعى أي ماجمع من الطعام والشراب حتّى يكونا من حلّهما انتهى . وقال بعضهم : الجوف : البطن و الفرج وهما الأجوفان ، وبعضهم روى الخبر هكذا ، فليحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى فقال : أي ما وعاه الرأس من العين والاُذن واللّسان أي يحفظه عن أن يستعمل فيما لا يرضى الله ، وعن أن يسجد لغير الله . ويحفظ البطن وما حوى أي جمعه ، فيتّصل به من الفرج والرجلين واليدين والقلب عن استعمالها في المعاصي انتهى . أقول : فيحتمل على ما في هذا الخبر أن يكون المراد حفظ البطن عن الحرام ، وحفظ ما وعاه البطن من القلب عن الاعتقادات الفاسدة والأخلاق الذميمة ، ويحتمل أن يكون المراد بما وعاه ما جمعه واُحيط به من الفرجين ، وسائر الأعضاء : كاليدين والرجلين ، أو يكون المراد بالبطن ما عدا الرأس مجازاً بقرينة المقابلة . قوله عليهالسلام : والجنّة محفوفة بالمكاره . أي لا تحصل إلّا بمقاساة المكاره في الدنيا .