وأمّا مخالفته قدّس سرّه لهواه وإطاعته لأمر مولاه :
فقد بلغ إلى حد تفرّد به ، وقد كان في إيصال الحقوق يقدّم إيصال الأجنبي; خوفاً من أن يكون تقديم إيصال أصحابه وتلامذته من باب هوى النفس ، وقد شاهدنا منه قدّس سرّه قضايا كثيرة كاشفة عن ذاك لا يسع هذا المختصر نقلها ولا بأس بنقل واحدة منها ، وهي :
أنّ سيّداً من الفضلاء الأجلاّء في غاية صحّة النسب كان الشيخ قدّس سرّه يوصله في كلّ سنة مائة تومان أقلا ، وكان ذلك السيّد سبعيّ الطبع حسوداً ، مدعيّاً في نفسه ومن تلامذة بعض معاصري الوالد قدّس سرّه ، وكان لا يدخل إلى دارنا ، بل ربّما كان لا يعتني بالوالد قدّس سرّه عند المصادفة على ما ينبغي ، وكان إذا ذكر والدي قدّس سرّه ينفي عنه التحقيق والمهارة ولا يقرّ له إلاّ بأقل درجة الاجتهاد والعلم ، بل كان بعض الأحيان ينفي عنه العلم ويطلق ، وكنت أنا الواسطة في إيصال الحقّ من الوالد قدّس سرّه إليه ، وكنت مُريّضاً نفسي في عدم إخبار الوالد قدّس سرّه بذم السيّد له زعماً مني أنّه قدّس سرّه إن اطّلع على ذلك قطع صلة السيّد ، وأنّ التسبّب لقطع صلة السيّد قبيح ، فكنت أقدّم مراعاة جانب جدّه صلّى الله عليه وآله على مراعاة جانب والدي قدّس سرّه ، فأتاه أخي يوماً وقال : إنّي رأيت السيّد في بعض الطريق يطلبه القصاب الفلاني خمسين قراناً من باب اللحم الّذي مشتريه [كذا] منه نسيئةً تدريجاً ، ووجدته يطالبه ويمنعه من الحركة ، وكلّ ما يلحّ عليه السيّد بأن يخلّي سبيله حتّى يمضي ويستدين ويأتي له بالمبلغ لا يرضى القصاب بذلك ، وكان قدّس سرّه قبل كم يوم موصله مقداراً ومع ذلك أخرج من الصندوق خمسين قراناً