ونهيه ؛ ضرورة لزوم تشخيص ما كلّف به .
ولا شكّ في استلزام ذلك لزوم التعليم ووجود المعلّم ؛ ضرورة امتناع تحقّق التعلّم بدون التعليم الذي لا يكون إلاّ بالمعلّم ، فظهر أنّه لابدّ في مدّة زمان التكليف وما دام وجب (١) التعلّم من المعلّم الذي يرشد إلى الأشياء التي وقع التكليف بها على وفق ما هي عليه عند اللّه ؛ حيث ظهر أنّ المقصود تلك المعرفة الخاصّة ، ومنه يظهر لزوم كون المعلّم عالماً (بيّن العلم) (٢) بما يحتاج إليه المتعلّم ، بحيث لا يحتمل الخطأ والغلط ؛ ضرورة عدم إمكان تعلّم الشيء من الجاهل به ، وكذا لا اعتماد على ما يحتمل الخطأ والكذب ؛ ولهذا يلزم أيضاً كونه صدوقاً ثابت الصدق ، موثوقاً به في جميع الأقوال والأحوال (٣) ، وكذلك يظهر وجوب التعليم والتبليغ عليه ؛ لئلاّ يلزم التقصير عليه ، ويتمّ الحجّة على المقصّر في التعلّم .
وحيث ظهر أنّ ذلك كلّه إنّما هو لتشخيص ما كلّف اللّه به ، ومعرفته على ما هو عند اللّه ، ظهر أنّ أصل التعليم لابدّ أن يكون من اللّه عزوجل؛ ضرورة أنّ ما عند اللّه لا يعلم به غير اللّه ، إلاّ بإعلام من اللّه ولو بالواسطة الثابتة وساطتها ، وأنّها منه [ عزوجل ] ، مع أنّ الجزم بموافقة أمر اللّه لا يحصل إلاّ بالأخذ من اللّه ، فظهر أنّ اللّه سبحانه هو المرجع في معرفة جميع ما كلّف به طول مدّة التكليف ، وأنّه هو المعلّم الذي علم ما يحتاجون إليه فيها ؛ ضرورة لزوم تشخيص الجميع ، وتعليمه للمكلّف ما دام الاحتياج وهو في طول المدّة ، كما تبيّن ممّا ذكرنا .
__________________
(١) في «م» : وجوب .
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «م» .
(٣) في «م» : الأفعال .