وقال في فاطمة عليهاالسلام : «إنّها بضعة منّي ، يغضبني ما أغضبها» (١) (٢) .
أقول : والأخبار من هذا القبيل ، وكذا في عليٍّ عليهالسلام متواترة نقلها المخالف والمؤالف ، كما سيأتي في مناقبهم ، فلا شبهة حينئذٍ في ثبوت ذلك لهم .
ومنه يظهر وجوب بغض جماعة ممّن أحبّهم المخالفون من الصحابة وغيرهم ؛ حيث ثبت ـ حتّى بنقل المخالفين ، كما سيأتي في محلّه ـ أنّهم أغضبوا هؤلاء وباغضوهم ، حتّى أنّ جماعة منهم قاتلوهم جهاراً وسبّوهم ، ومنه يستفاد ـ كما يظهر من غيره أيضاً ، كما سيأتي ـ أنّ وجوب حبّ الصّحابة ـ الذي ذكره هذا الرجل ـ إنّما هو فيمن ثبت ووضح أنّه مات على هذه الشروط ، ولم يظهر منه ما ينافي حبّ أحد من هؤلاء الذين هم أصل أهل البيت عليهمالسلام ، فتأمّل ولا تغفل عمّا في كلام هذا الرجل من الاعتراف بما ذكرناه ، ومع هذا يقولون بلزوم حبّ كلّ من عُـدّ من الصحابة ، حتّى معاوية وعمرو بن العاص (٣) وأمثالهما الذين سبّوا عليّاً والحسنين عليهمالسلام جهاراً ، وهم أيضاً سبّوهم ، فافهم .
قال القاضي : ومن العلامات أيضاً : بغض من أبغض اللّه ورسوله ، ومعاداة من عاداه ، ومجانبة من خالف سنّته وابتدع في دينه ، وكذا استثقاله
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ : ٣٦ بتقديم وتأخير .
(٢) الشفا ٢ : ٥٩ ـ ٦٠ .
(٣) عمرو بن العاص بن وائل بن هشام ، يكنّى أبا عبداللّه ، كان من الأشدّاء على الإسلام ، وكان وزير معاوية في حربه وكيده ضدّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، مات سنة ٤٣ هـ .
انظر : الطبقات الكبرى ٤ : ٢٥٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٦ : ١٠٨ / ٥٣٥٨ ، اُسد الغابة ٣ : ٧٤١ / ٣٩٦٥ ، تاريخ الإسلام للذهبي حوادث سنة ٤١ ـ ٦٠ : ٨٩ ، سير أعلام النبلاء ٣ : ٥٤ / ١٥ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٤٩ / ٨٤ .