ينبغي أن يكون عليه ، فلم يعبأوا بقوله ولم يتوجّهوا إليه ، فبقي على حاله مهجوراً ، وحفظه الأئمّة من أهل البيت بعد عليّ عليهمالسلام مستوراً ، كما هو ثابت عندنا بأخبارهم متواتراً (١) ، وإن عمت عنه عيون الأجانب ، بل تدلّ عليه بعض منقولات المخالفين أيضاً (٢) ، ولبيانه موضع آخَر .
فكانت الصحابة مكتفين برهة من الزمان بما كان منه عندهم متفرّقاً ، إلى أن قتل عامّة حفّاظه في حرب اليمامة ، حتّى نقلوا أنّه كانت بعض الأوراق منه عند منبر النبيّ صلىاللهعليهوآله فأكلته عنزة ، فعند ذلك قعد عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت في المسجد بشور أبي بكر (٣) ، ونادوا بالناس أن يأتي كلّ أحد بما عنده من القرآن ، فمن كان له شاهدان على أنّ ما عنده من القرآن كتباه وإلاّ فلا ، إلى أن قُتل عمر واستخلف عثمان فشرع هو في جمعه وترتيبه على هذا الوضع المشهود والكيفيّة الموجودة ، وكتب أربعة (٤) مصاحف على هذا الوضع المخصوص ، وأرسل كلّ واحد إلى بلدة ، وأمر
__________________
(١) انظر : الكافي ١ : ١٧٨ / ١ (باب أ نّه لم يجمع القرآن كلّه إلاّ الأئمّة عليهمالسلام ) ، و٢ : ٤٦٢ / ٢٣ (باب النوادر) ، والاحتجاج ١ : ٣٥٨ ـ ٣٦١ .
(٢) انظر : التسهيل لعلوم التنزيل ١ : ٤ .
(٣) هو عبداللّه بن أبي قحافة، يكنّى أبا بكر ، تقمّص الحكومة يوم وفاة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بمبايعة صوريّة ، كما بيّن ذلك أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته الشقشقية : «أما واللّه ، لقد تقمّصها ابن أبي قحافة... » وكانت حكومته سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيّام .
مات سنة ١٣ هـ .
انظر : الإمامة والسياسة ١ : ٢١ ، أنساب الأشراف ٢ : ٢٥٩ ، مروج الذهب ٢ : ٣٠١ ـ ٣٠٤ ، الاستيعاب ٣ : ٩٦٣ / ١٦٣٣ ، وفيات الأعيان ٣ : ٦٤ / ٣٣٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٥١.
(٤) في النسخ المعتمدة ورد (أربع) والظاهر أنّ ما أثبتناه هو الصحيح .