وكان يقول : «إنّ دنياكم هذه لأهون عندي من عفطة عنز» (١) .
وقد روي : أنّ اللّه تعالى أوحى إلى بعض أنبيائه «احذر أن أمقتك فتسقط من عيني ، فأصبّ عليك من الدنيا صبّاً» (٢) .
وفي كلام اللّه عزوجل لرسوله صلىاللهعليهوآله ليلة المعراج : «يا أحمد ، لا تتزيّن بليّن اللباس ، وطيب الطعام ، وليّن الوطاء ، فإنّ النفس مأوى كلّ شرّ ، وهي رفيق كلّ سوء ، تجرّها أنت إلى طاعة اللّه ، وتجرّك إلى معصيته ، وتخالفك في طاعته ، وتطيعك فيما يكره ، وتطغى إذا شبعت ، وتتكبّر إذا استغنت ، وتنسى إذا كبرت ، وتغفل إذا أمنت ، وهي قرينة الشيطان .
يا أحمد ، أبغض الدنيا وأهلها ، وأحبّ الآخرة وأهلها» .
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «ياربّ ، ومن أهل الدنيا ؟ ومن أهل الآخرة ؟».
قال : «أهل الدنيا من كثر أكله وضحكه ونومه وغضبه ، قليل الرضا ، قليل التفقّه ، قليل الخوف ، كثير الكلام ، لا يعتذر إلى من أساء إليه ، ولا يقبل عذر من اعتذر إليه ، كسلان عند الطاعة ، شجاع عند المعصية ، إنّ أهل الدنيا يحمدون أنفسهم بما لا يفعلون ، ويدّعون بما ليس لهم» (٣) ، الخبر .
وفي الحديث : أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله مرّ براعي غنم فبعث إليه يستسقيه ، فقال : أمّا ما في ضروعها فصبوح (٤) الحيّ ، وأمّا ما في آنيتنا فغبوقهم (٥) .
__________________
(١) نهج البلاغة : ٥٠ الخطبة ٣ ، بتفاوت .
(٢) فيض القدير ١ : ٨٣ .
(٣) إرشاد القلوب ١ : ٣٧٥ (الباب ٥٥ في معراج النبيّ صلىاللهعليهوآله ) ، بحار الأنوار ٧٧ : ٢٣ ، الجواهر السنيّة : ١٥٢ ـ ١٥٣ .
(٤) الصبوح بالفتح : الشرب بالغداة .
انظر : مجمع البحرين ٢ : ٣٨٢ ، الصحاح ١ : ٣٨٠ ، مادّة ـ صبح ـ .
(٥) الغبوق : الشرب بالعشيّ .
انظر : مجمع البحرين ٥ : ٢٢١ ، الصحاح ٤ : ١٥٣٥ ، مادّة ـ غبق ـ .