ونقل عن اللّيث بن سعد (١) ـ بعدما مدحه بالعلم والفضل ـ : أنّه كان له صحبة عظيمة مع الرشيد (٢) ومدخليّة في اُمور السلطنة ، وإنّه احتال لهارون بحيلة فأعطاه مبالغ عظيمة ، قال : وهي أنّه جرى بين هارون وزُبيدة (٣) امرأته ملاحاة في شيء ، فقال هارون في عرض كلامه : أنتِ طالق إن لم أكن من أهل الجنّة ، ثمّ ندم واغتمّا جميعاً ، فجمع العلماء كلّهم ، فقال الليث : يا أمير المؤمنين ، ادع بمصحف ، فدعا ، ففتح له سورة الرحمن ، فقال له : إقرأها ، فقرأها ، فلمّا بلغ قوله تعالى : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) (٤) قال : قف هاهنا ، فوقف ، فقال له : قل واللّه الذي لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم إنّك تخاف مقام اللّه عزوجل ، فقال هارون ذلك ،
__________________
(١) اللّيث بن سعد بن عبد الرحمن ، يكنّى أبا الحارث ، ترجم له بأنّه كان كبير الديار المصريّة ورئيسها ومحتشمها وعالمها ، وأمير مَن بها في عصره ، ولد سنة ٩٤ هـ ، ومات سنة ١٧٥ هـ .
انظر : تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ٣٠٢ / ٢٤٦ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ١٣٦ / ١٢ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٤١٢ / ٨٣٤ .
(٢) هارون الرشيد بن محمّد المهدي بن المنصور العباسي ، يكنّى أبا جعفر ، خامس حكّام الدولة العباسية في العراق ، ولي الحكم بعد أخيه الهادي سنة ١٧٠ هـ ، وهو أوّل من لعب بالكرة والصولجان ، وكان مشهوراً بالعداء لأهل البيت عليهمالسلام ، ولد سنة ١٤٨ هـ ومات سنة ١٩٣ هـ .
انظر : مروج الذهب ٣ : ٣٣٦ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٩١ ـ ٢٠٠) : ٤٢٣ / ٣٣١ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٢٨٦ / ٨١ ، الأعلام ٨ : ٦٢ .
(٣) هي أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور تكنّى اُم جعفر ، زوجة هارون الرشيد والدة الأمين ، لقّبها أبو جعفر المنصور بـ : « زبيدة » لبضاضتها ونضارتها ، فغلب ذلك عليها ، ماتت سنة ٢١٦ هـ .
انظر : الكنى والألقاب ٢ : ٢٥٨ ، تاريخ بغداد ١٤ : ٤٣٣ / ٧٨٠٢ ، سير أعلام النبلاء ١٠ : ٢٤١ / ٦٤ .
(٤) سورة الرحمن ٥٥ : ٤٦ .