وفى كيفية اهتمام ارباب الكتب فى تنقيح ما اودعوه فى كتبهم يعلم ان الظاهر انحصار مدارهم على ايداع ما سمعوه من صاحب الكتاب او ممن سمعه منه فلم يكونوا يودعون الا ما سمعوا ولو بوسائط من صاحب الكتاب ولو كان معلوم الانتساب مع اطمينانهم بالوسائط وشدة وثوقهم بهم حتى ان الرواة ربما يتبعون الوسائط فى تصحيح الحديث وردّه كما اتفق ذلك للصدوق بالنسبة الى شيخه ابن الوليد حيث قال ما صححه شيخى فهو صحيح وما رده فهو مردود وربما كانت الرواة لا يثقون بمن يوجد فيه قدح بعيد المدخلية فى الصدق.
(ولذا حكى عن جماعة) انهم كانوا غير معتنين باخبار من كان يعمل بالقياس ومتحرزين عمن كان يروى عن الضعفاء او يعتمد على المراسيل وان كان هو من الثقات كما اتفق ذلك بالنسبة الى البرقى الذى هو من اجلتهم وكذا بالنسبة الى الاسكافى حيث ذكر فى ترجمته انه كان يرى القياس فترك رواياته لاجل ذلك (وكذا كانت الجماعة) يتوقفون فى روايات من على الحق فعدل عنه وان كانت كتبه ورواياته فى حال الاستقامة حتى اذن الامام عليهالسلام او نائبه كما سألوا العسكرى عليهالسلام عن كتب بنى فضال حيث كانت كتبهم ورواياتهم فى حال استقامتهم قبل عدولهم الى الفطحية وقالوا ان بيوتنا منها ملاء فاذن لهم وسألوا الشيخ أبا القاسم بن روح عن كتب ابن عذافر التى صنفها قبل الارتداد عن مذهب الشيعة حتى اذن لهم الشيخ فى العمل بها.
(والحاصل) ان الامارات الكاشفة عن اهتمام اصحابنا فى تنقيح الاخبار فى الازمنة المتأخرة عن زمان الرضا عليهالسلام اكثر من ان يحصى ويشهد على ذلك مهاجرتهم على الاهل والاوطان ومباعدتهم عن الاموال والاولاد والنسوان وارتحالهم الى الاصقاع والبلدان فى تحصيل هذا الامر العظيم الشأن ويحكى ان النجاشى انفق فى طلب العلم تركة ابيه وكانت ثلاثمائة الف دينار وكانت داره كالمسجد مملوة من الناسخ والمقابل والقارى وغيرهم.
(قوله والداعى الى شدة الاهتمام الخ) هذا مبتدأ خبره قوله ما تنبهوا له