فقد أخرج ابن أشته قال : اختلفوا في القراءة على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون ، فبلغ ذلك عثمان بن عفان ، فقال : عندي تكذبون به وتلحنون فيه ، فمن نأى عني كان أشد تكذيبا ، وأكثر لحنا. يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماماً ، فاجتمعوا فكتبوا (١).
هذا فيما شاهد عثمان في المدينة المنورة من الاختلاف في القراءات والوجوه واللغات ، فاقتصر من سائرها على لغة قريش لأن القرآن نزل بلغتهم.
وقد يبدو من رواية أخرى أكثر شيوعا أن الاختلاف امتد إلى الثغور بين الأجناد فطعن بعضهم البعض بقراءة البعض الآخر ، فهال هذا الأمر حذيفة بن اليمان ، وكان يغازي أهل الشام في أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ، فأشار على عثمان أن يدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلف اليهود والنصارى ففزع عثمان لذلك وصمم على جمع الناس على إمام واحد (٢).
وكان هذا الأمر غيرة من حذيفة على القرآن ، واستجابة من عثمان لصيانة القرآن.
وسأل عثمان : أي الناس أفصح ؟ قالوا : سعيد بن العاص ، قال : أي الناس أكتب ؟ قالوا زيد بن ثابت ، قال : فليكتب زيد ، وليمل سعيد ، فكتب مصاحف فقسمها في الأمصار (٣).
ويستدل في كثير من الروايات أن هذا الترتيب والجمع على قراءة واحدة وفي مصحف واحد كان على ملأ من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبمشاورة من أهل القرآن (٤).
__________________
(١) السيوطي ، الاتقان : ١ / ١٧٠.
(٢) ظ : ابن أبي داود ، المصاحف : ١٨ وما بعدها.
(٣) ظ : الطبري ، جامع البيان : ١ / ٦٢ + ابن أبي داود ، المصاحف : ٢٤ + أبو شامة ، المرشد الوجيز : ٥٨.
(٤) ظ : ابن أبي داود : المصاحف : ١٢ + المرشد الوجيز : ٦٤.