نريد بشكل القرآن فيما يلي ، الإطار الخارجي للنص القرآني ، وهذا الإطار عبارة عن رسمه وإعجامه ونقطه ، وما صاحب ذلك من جهد وتطوير منذ الكتبة الأولى للمصحف.
وهذا كله شيء يختلف عن القرآن نصاً متعبدا بتلاوته ، فالقرآن ألفاظه ومعانيه ، وتشريعه ومراميه ، بسوره وآياته متواترة متكاملة ، وشكله هو صورته المصحفية التي تواضع عليها الناس في الرسم والأعراب والنقط والأعجام للدلالة على ألفاظه في النطق ، وعلى هيئته وتركيبه في التلفظ ، فهو تسجيل ثانوي للوحي الأولي ، بما يؤدي إلى صورة حقيقته المثلى حينما يتلى بالألسن معادا كما أنزل.
وارتباط هذه الظاهرة الشكلية باللفظ المنزل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الكريم وحياً سماوياً ، لم تأخذ طابع الصدفة أو صيغة العفوية ، وإنما كان أمراً إلهيا مقصودا إليه ، وجهداً رسالياً معنياً بالذات ، ليتضافر على حفظ القرآن الكريم ـ برا بوعده تعالى ـ عاملان :
الحفظ في الصدور ، والرسم في السطور. وهو كما يبدو من استعراض الروايات واستقراء الأحداث أمر مدنوب إليه ومرغوب فيه ، وقد كان تأسيس ذلك منذ عهد مبكر ، اقترن بأول نزول الوحي ـ كما سبقت الإشارة التفصيلية إليه ـ (١) وأوشك على الكمال عند جمع الناس على لغة
__________________
(١) ظ : فيما سبق مقالة : جمع القرآن.