التكليف الواصل فيدور الأمر بين رفع اليد عن الترخيص في جميع الأطراف ورفع اليد عن اطلاقه بأن يقيد الترخيص في كلّ طرف بما إذا لم يرتكب الطرف الآخر فالمتعين هو الثاني فتكون النتيجة هو التخيير في تطبيق الترخيص على أي طرف من الأطراف. وفيه أن مقتضى العلم الإجمالي هو الاحتياط والموافقة القطعية في أطراف المعلوم بالإجمال.
فإن قلنا بجواز الترخيص في الأطراف فمقتضى إطلاق أدلة الترخيص هو جواز ارتكاب جميع الأطراف وإن لم نقل بذلك فلا مجال للترخيص في بعض الأطراف كما لا يجوز الترخيص في جميع الأطراف بملاك واحد وهو أنّ الترخيص في بعض الأطراف محكوم بحكم الترخيص في جميع الأطراف على هذا القول وهو أنّ الترخيص ترخيص في المعصية وهي مخالفة المعلوم بالإجمال ولو مقيدا بترك الطرف الآخر والتقييد المذكور لا يرفع المحذور وهو قبح الترخيص في المعصية كما لا يخفى.
هذا مع قطع النظر عن الأخبار الخاصة التي تدلّ على وجوب الموافقة القطعية وإلّا فقد عرفت أنّ معها لا مجال للتخيير بأي معنى كان وهذه الأخبار هي العمدة في عدم جواز ارتكاب أطراف المعلوم بالإجمال وإلّا فقد عرفت جواز الترخيص في جميع الأطراف فضلا عن بعضها فلا تغفل.
وكيف كان فتحصّل أنّه لا مجال للبراءة والإباحة في أطراف المعلوم بالإجمال كما لا مورد للتخيير مطلقا سواء كان التخيير شرعيا أو عقليا وكلّ ذلك لقيام الأدلة الخاصة على حرمة المخالفة ووجوب الموافقة القطعية نعم لا يمكن التعدى عن مورد الأدلة الخاصة وهي الشبهة المحصورة إلى الشبهة غير المحصورة وعليه فمقتضى عمومات الحلية والإباحة هو عدم وجوب الاحتياط في الشبهات غير المحصورة لاختصاص الأدلة الخاصة بالشبهات المحصورة وهكذا مقتضى تلك العمومات عدم وجوب الاحتياط في الموارد التي تكون خارجة عن محلّ الابتلاء لاختصاص الأدلة الخاصة بموارد الابتلاء وبالجملة كلّ مورد شككنا فيه من حيث جواز الارتكاب وعدمه يمكن الرجوع فيه إلى عموم أدلة البراءة