وأمّا حكم الرابع وهو ما إذا دار الأمر بين ايراد أحد الضررين على شخصين كما لو اكره المكلف على ايراد الضرر إمّا على هذا أو على ذاك فقد يقال يختار حينئذ أقل الضررين ولكنّه محل تامل ونظر لأنّ ادلة الاكراه قاصرة بعد كون الحكم المذكور أى نفى الاكراه خلاف الامتنان فاللازم هو تحمل الضرر بنفسه إلا إذا كان ضررا لا يرضى الشارع به.
التّنبيه الثامن : في دوران الأمر بين تضرر المالك والاضرار بالغير واعلم أنّه إذا دار الأمر بين تضرر شخص والاضرار بالغير من جهة التصرف في ملكه كمن حفر في داره بالوعة أو بئرا يكون موجبا للضرر على الجار مثلا فهنا صور :
الاولى أن يكون المالك بتصرفه قاصدا لا ضرار الجار من دون أن يكون فيه نفع له أو في تركه ضرر عليه.
الثانية الصورة مع كون الداعى الى التصرف مجرد العبث والميل النفسانى لا الاضرار بالجار.
والحكم في هاتين الصورتين هو الحرمة والضمان ولا موجب لرفع حرمة الاضرار.
الثالثة أن يكون التصرف المذكور بداعى المنفعة بأن يكون في تركه فوات المنفعة.
الرابعة أن يكون الداعى التحرز عن الضرر بأن يكون في تركه ضرر عليه والمنسوب إلى المشهور هو جواز التصرف وعدم الضمان في الصورتين الأخيرتين واستدل لذلك بأنّ منع المالك من التصرف في ملكه حرج عليه ودليل نفى الحرج حاكم على أدلة نفى الضرر كما أنّه حاكم على الأدلة المثبتة للأحكام.
أورد عليه بمنع هذا الدليل صغرى وكبرى أمّا الصغرى فلعدم كون منع المالك عن التصرف في ملكه حرجا عليه مطلقا بل قد يكون وقد لا يكون.
وفيه ما لا يخفى إذ اثبات الصغرى لا يحتاج إلى أن يكون حرجيا في جميع الموارد لكفاية ثبوته في بعض الموارد كما لا يخفى.
وأمّا الكبرى فلانه لا وجه لحكومة أدلة الحرج على أدلة نفى الضرر فإنّ كل واحد منهما