وقد يقال بصحة الوضوء الضررى مثلا لوجود الملاك فيه وإن لم يكن بمأمور به لكفاية واجديته لملاك ولذا ذهبوا إلى صحة العبادة إذا كانت مورد التزاحم بالأهم وأتى بها وترك الأهم مع أنّ الأمر متوجه إلى الأهم فعلا.
اورد عليه بأنّ مقتضى حكومة «لا ضرر» على عموم أدلة الوضوء خروج الفرد الضررى من الوضوء عن عموم أدلته ومعه لا معنى لثبوت الملاك فيه ولا كاشف له بعد خروج الفرد الضررى عن عموم الأدلة.
واجيب عنه بامكان استفادة الملاك بالأدلة الخارجية مثل اطلاق قوله عليهالسلام الوضوء نور ونحوه بل يدل عليه نفس أدلة نفى الحرج والضرر بضميمة الأدلة الأولية لأنّ سياق أدلة نفى الحرج والضرر رفع الكلفة والمشقة والضرر عن المكلف وظاهرها بقاء المطلوبية على حالها وأنّ الشارع لم يوجبها مع مطلوبيتها لتسهيل الأمر على المكلّف وعدم وقدعه في الحرج والضرر.
هذا مضافا إلى دلالة آية الوضوء والتيمم فإنّها تدل على أنّ عدم وجوب الوضوء عند السفر بالخروج عن الطريق أو عند المرض أو عند عدم وجدان الماء والأمر بالتيمم لرفع الحرج حيث قال (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١)
وهو ظاهر في بقاء الملاك وانما الحرج هو المانع عن الوجوب ودعوى أنّ المكلف لما كان مقدما على الوضوء الضرري لا مجال لرفع وجوبه بقاعدة لا ضرر حيث إنّ تلك القاعدة وردت امتنانا وموردها ما اذا لم يرد المكلف الفعل مع قطع النظر عن ايجابه.
مندفعة : بأنّ الاقدام يكون على الوضوء لا على الضرر وملازمة الوضوء للضرر أو اتحاده معه لا يوجب أن يكون الاقدام على الضرر ومع عدم الاقدام على نفس الضرر
__________________
(١) سورة المائدة / الآية ٦.