ولا يتحمله أحد عادة إلّا بتصور تسبيب شرعى إليه لأنّ من طبيعة الإنسان أن يدفع الضرر عن نفسه ويتجنّبه فيكون نفى الطبيعة في مثل هذه الملابسات يعني نفى التسبيب اليها بجعل شرعى.
أمّا الفقرة الثانية وهى (لا ضرار) فهى تختلف في نوع المنفى وسائر الملابسات عن الفقرة الاولى لأنّ الضرار معنى مصدرى يحتوى على النسبة الصدورية من الفاعل كالاضرار وصدور هذا المعنى من الإنسان أمر طبيعى موافق لقواه النفسية غضبا وشهوة وبذلك كان نفيه خارجا من قبل الشارع ظاهرا في التسبيب إلى عدمه والتصدى له.
ومقتضى ذلك أولا تحريمه تكليفا فإنّ التحريم التكليفى خطوة أولى في منع تحقق الشيء خارجا وثانيا تشريع اتخاذ وسائل اجرائية عند تحقق الاضرار من قبل الحاكم الشرعي وذلك لأنّ مجرد التحريم القانوني ما لم يكن مدعما بالحماية إجراء لا سيما في مثل (لا ضرر) لا يستوجب انتفاء الطبيعة ولا يصحح نفيها خارجا إلى أن قال.
وهذا التشريع يرتكز على قوانين ثلاثة :
١ ـ قانون النهى عن المنكر
٢ ـ قانون تحقيق العدالة الاجتماعية بين الناس وهذا من شئون الولاية في الامور العامة الثابتة للنّبى صلىاللهعليهوآله وأئمة الهدى عليهمالسلام والفقهاء في عصر الغيبة إذ لا بد من العدالة في حفظ النظام.
٣ ـ حماية الحكم القضائى فيما إذا كان منع الاضرار حكما قضائيا من قبل الوالي بعد رجوع المتخاصمين إليه كما في مورد قضية سمرة حيث شكا الأنصارى فقضى النبى صلىاللهعليهوآله بعدم جواز دخوله كذلك وحيث أبى سمرة عن العمل بالحكم امر النبى صلىاللهعليهوآله بقلع النخلة لتنفيذ الحكم بعدم الدخول عملا ويلاحظ أنّ هذا الجزء من مفاد (لا ضرار) هو مبنى تعليل الأمر بقلع النخلة في قطبة سمرة بهذه الكبرى.
وفيه مواقع للنظر.
منها أنّ جعل معنى نفى للضرر نفى التسبيب إلى الضرر إن كان بمعنى تقدير التسبيب ففيه