والامعان في هدف الأنصارى حيث رفع الشكاية إلى النبى صلىاللهعليهوآله ليدفع عنه الظلم والتدبر في أنّه لم يكن لواحد منهما شبهة حكمية ولا موضوعية يورث الاطمئنان بأنّ الحكم حكم سلطاني والنهي نهي مولوي من جانب النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم.
هذا مضافا إلى عدم معهودية ما ذكروه من المعنى من أمثال هذه التراكيب الدراجة في كلمات الفصحاء فإنّ الغالب إنّما هو نفى الأثر بلسان نفى موضوعه أو النهي بلسان النفى وأمّا نفى عنوان الضرر وارادة نفى ما له أدنى دخالة في تحققه فلم يعهد من هذا التركيب.
أورد عليه أولا بأنّ سمرة كان يرى دخوله في دار الأنصارى سائغا له باعتبار حقه في الاستطراق إلى نخلته فإنّ حق الاستطراق عرفا يترتب عليه جواز الدخول مطلقا في كل زمان وحال لا خصوص الدخول بالاستئذان فإنّ إناطة الدخول بالاستئذان يناسب عدم الحق رأسا وقد احتج بذلك سمرة في حديثه مع الأنصارى ومع النّبى صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى هذا فلو كان المراد بالحديث مجرد النهي التكليفي لبقى استدلال سمرة بلا جواب لأنّه يتمسك بحقه في الاستطراق ومفاد لا ضرر يقول لا تضر بالأنصارى ومن المعلوم أنّ النهى التكليفي عن ذلك ليس الّا اعمال سلطة وليس جوابا عن وجه تفكيك الجواز المطلق عن حق الاستطراق وهذا بخلاف ما لو اريد به نفى التسبيب الى الضرر بجعل حكم ضررى فإنّه يرجع الجواب عن هذا الاستدلال بأنّ الاسلام لم يمض الأحكام العرفية حتى استوجبت تفويت حق الآخرين والاضرار بهم فلا يترتب على حق الاستطراق جواز الدخول مطلقا ولا يثبت حق الاستطراق مطلقا بل ذلك مقيد بعدم كون الدخول ضررا على الأنصارى في حقه من التعيش الحرّ في داره وبذلك يظهر أنّ لا ضرر على هذا التفسير أكثر تناسبا وأوثق ارتباطا بقضية سمرة منه على تفسيره بالنهي عن الاضرار.
وثانيا : بأنّ كلمة «قضى» ليست مذكورة في الروايات الواردة في قصة سمرة نعم وردت كلمة قضى في روايات المنع عن فضل الماء وحق الشفعة وهى غير مربوطة بقصة سمرة وعليه فلا قرينة لرفع اليد عن ظهور كلمة «لا» في النفى في قوله : «لا ضرر ولا ضرار».