الرجوع إلى البراءة قبل الفحص نعم إذا لم يكن المعلوم بالاجمال ذا علامة وتميز وكان مرددا بين الأقل والأكثر جاز الرجوع إلى البراءة بعد الظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال لكن المقام ليس من هذا القبيل وعليه فلا يصح ما أفاده السيد الاستاذ من أنّه إذا ظفر بمقدار المعلوم بالإجمال قبل الفحص جاز له الرجوع إلى البراءة لانحلال المعلوم بالإجمال لما عرفت من عدم الانحلال ومعه لا يجوز الرجوع إلى البراءة كما لا يخفى.
مندفعة : بما أفاده في مصباح الاصول من أنّه لا نسلم عدم الانحلال حتى فيما إذا كان المعلوم بالاجمال ذا علامة وتميز ولم يكن مردّدا بين الأقل والأكثر إذ بعد العلم التفصيلي بنجاسة إناء بعينه يحتمل أن يكون هو إناء زيد المعلوم كونه نجسا ومعه لا يبقى علم بوجود نجاسة في غيره من الأواني إذ العلم لا يجتمع مع احتمال الخلاف بالضرورة فينحل العلم الإجمالي بالوجدان وليس لنا علمان اجماليان علم بوجود نجس مردّد بين الأقل والأكثر وعلم بنجاسة إناء زيد حتى يقال بعد العلم بنجاسة إناء بخصوصه إنّ العلم الأوّل قد انحل دون العلم الثاني بل مرجع العلم بوجود نجاسة مردّدة بين الأقل والأكثر والعلم بنجاسة إناء زيد إلى العلم بوجود نجس واحد بعنوانين فإذا علمنا تفصيلا بنجاسة إناء معين من الأواني ينحلّ العلم الإجمالي لا محالة.
هذا مضافا إلى أنّه على تقدير تسليم عدم الانحلال وبقاء العلم الإجمالي على حاله لا يكون هذا العلم منجزا بالنسبة إلى الزائد على القدر المتيقن لما ذكرناه مرارا من أنّ التنجيز دائر مدار تعارض الاصول في أطراف العلم الإجمالي وتساقطها وحيث إنّه لا معنى لجريان الأصل في الطرف المعلوم كونه نجسا في مفروض المثال فيجري الأصل في غيره بلا معارض فلا يكون العلم الإجمالي منجّزا إلى أن قال فالمتحصل أنّ المانع من الرجوع إلى الأصل قبل الفحص لا بدّ من أن يكون شيئا آخر غير العلم الإجمالي. (١)
الثالث كما في الفرائد أنّ العقل لا يعذر الجاهل القادر على الفحص كما لا يعذر الجاهل
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٤٩٠ ـ ٤٩٣.