ملزوما للحجّيّة ـ : إنّ مقتضى القاعدة عند الشكّ في الطريقيّة والحجّيّة هو عدم الطريقيّة والحجّيّة ، كما يدلّ عليه قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(١) ؛ لأنّ الطريقيّة من أوضح مصاديق الإغناء ، فمع نفي الإغناء عن الظن لا مجال للطريقيّة. ومن المعلوم أنّ نفي الطريقيّة عن الظنّ يستلزم نفي الحجّيّة ؛ لكونها مترتّبة عليها ، فلا يكون حينئذ منجّزا للواقع عند المطابقة ولا يكون معذّرا عند المخالفة ، هذا بحسب البحث الاصولي.
ثمّ إنّ مع عدم طريقيّة الظنّ فالمظنون بقي على ما هو عليه من أنّه ممّا لم يعلم أنّه من الله تعالى ، فلا يجوز إسناده إليه تعالى ؛ لأنّه قول على الله بغير علم كما دلّ عليه قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ... وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٢) نعم ، هذا حكم فقهيّ لا يرتبط بالمقام بعد إمكان جعل الطريقيّة والحجّيّة ، فتدبّر جيّدا.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ الطريقيّة والحجّيّة موضوعان للتنجيز والتعذير بوجودهما العلمي لا بوجودهما الواقعي ؛ إذ الشيء قبل وصوله ليس بطريق ولا بحجّة ، فمع القطع بالطريقيّة أو الحجّيّة يترتّب التنجيز والتعذير ، لوجود موضوعهما.
وعليه فإذا شكّ في وجود الحجّة أو في حجّيّة الموجود فالموضوع منتف بالعلم والقطع. ولا مجال للاستصحاب حينئذ مع انتفاء الموضوع بالقطع ، إذ الاستصحاب يفيد فيما إذا شكّ في وجود الموضوع ، والمفروض أنّه معلوم الانتفاء كما لا يخفى.
وإليه يؤوّل ما فى الكفاية حيث قال : فمع الشكّ في التعبّد به يقطع بعدم حجّيّته
__________________
(١) يونس : ٣٦.
(٢) الاعراف : ٣٣.