فاندفع جميع ما ذكره صاحب الكفاية من الوجوه الثلاثة. (١)
وحاصله : أنّ مرجع كلام الشيخ إلى مقتضى أصالة الظهور ، وهو الأخذ بالظهورات ما لم يثبت الاستحالة ، لا أنّ للعقلاء حكما جديدا في الحكم بالإمكان ما لم يقم في الوجدان على استحالته برهان.
لا يقال : إنّه لا يعقل الجزم بثبوت شيء إلّا مع الجزم بإمكانه ، وعليه فالجزم بالثبوت لا يجامع احتمال الاستحالة.
لأنّا نقول كما أفاده المحقّق الأصفهاني قدسسره : نعم لو كان المطلوب هو الجزم بالشيء كما في اصول العقائد والمعارف اليقينيّة ، وأمّا إذا كان المطلوب فيه هو الجري العملي على وفقه والعمل على طبقه دون الجزم بتحقّقه كالحكم العملي ومنه التعبّد بالظنّ فإنّه لا يعتبر فيه الجزم بثبوته لئلّا يجامع احتمال استحالته ، فمثله يكفي فيه مجرّد وجود الحجّة على ثبوته ، فالدليل المتكفّل لحجيّة الخبر مثلا سواء كان ظاهر الكتاب أو الأخبار المتواترة معنى أو سيرة العقلاء مع عدم ردع الشارع عنها يكون حجّة على حجّيّة الخبر من دون منافاة لاحتمال الاستحالة ؛ إذ الحجّة لا يزاحمها الّا الحجّة ، واحتمال الاستحالة ليس بحجّة ، فاتّضح أنّ الوجه في الحكم بالإمكان هو الأخذ بالحجّة ، وهي أصالة الظهور ، وعدم الاعتناء باحتمال الاستحالة في مقام الجري العملي.
لا البناء الجديد من العقلاء في الحكم بالإمكان ما لم يقم في الوجدان على استحالته برهان ؛ لعدم دليل على وجود بناء جديد.
ولا ما حكي عن الشيخ الرئيس من أنّه كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه واضح البرهان ؛ لإمكان أن نقول : إنّ الإمكان الذي
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٩٠ ـ ٩١.