الاعتقاديّة أو لا يقتضى؟
والحقّ : أنّه لا دليل على الاقتضاء المذكور ؛ إذ الامتثال في الأحكام حاصل بالإتيان ولو مع عدم الالتزام القلبي به ، والواجب هو الامتثال ، ولا دليل على أزيد منه ، ويشهد له حكم الوجدان بعدم استحقاق العقوبتين على فرض مخالفة التكليف عملا والتزاما وعدم استحقاقه للعقوبة مع العمل بلا التزام ، واستحقاقه لمثوبة واحدة مع العمل والالتزام. (١)
لا يقال إنّ ما دلّ على لزوم تصديق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما جاء به يقتضي وجوب الموافقة الالتزاميّة أيضا ؛ إذ تصديق النبيّ لا ينفكّ عن البناء القلبي على موافقته.
لأنّا نقول : إنّ غاية ما يقتضيه تصديق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما جاء به هو تصديقه في أنّ ما جاء به وأخبر به هو واجب من قبل الله تعالى ، وهذا المعنى يجتمع مع عدم البناء والالتزام القلبي على العمل به.
وممّا ذكر يظهر ما فى كلام شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره من لزوم التسليم القلبي في تحقّق الإيمان (٢).
وذلك ؛ لأنّ التسليم المذكور هو عين الإيمان ، والذى يبحث عنه هو الالتزام القلبي على العمل به ، فلا تغفل.
ثمّ إنّه يكفي في اختياريّة الالتزام القلبي وخضوعه تمكّنه من عدمه ، كما يكشف عنه عدم الالتزام العملي ولا يتوقّف ذلك على التمكّن من الالتزام القلبي بضدّه ، مثلا إذا قامت الحجّة عند المكلّف على نجاسة شيء كالغسالة يكفي في اختياريّة الالتزام القلبي عليه تمكّنه من عدم الالتزام ، ولا يتوقّف ذلك على تمكّنه من الالتزام بطهارته
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٤٩.
(٢) اصول الفقه ٣ : ٤٣٤.