حينئذ غير عنوان الظنّ المضاف إلى الخمر بجعل الإضافة جزء الموضوع والمضاف إليه خارجا بأن يجعل الظنّ تمام الموضوع ، فإنّ بينهما عموما من وجه لتصادقهما في صورة الإصابة وتفارقهما في صورتي حصول الظنّ به مع عدم كونه خمرا في الواقع وفي عدم حصول الظنّ مع كونه خمرا في الواقع.
والأحكام أيضا متعلّقة بالعناوين لا بالخارج ، ومع اختلاف متعلّقهما لا يلزم اجتماع المثلين ولا الضدّين ولا المصلحة والمفسدة في موضوع واحد ، ولا يمتنع انقداح الإرادة بأحدهما والكراهة في الآخر وإن تصادقا في بعض المصاديق ويصير ذا مفسدة ومصلحة باعتبار العنوانين ، وأمّا الإشكال بأنّه أمر بالمحال فيدفعه بأنّ كلّ واحد منهما في نفسه ممكن ، فهو ليس كالأمر بالطيران إلى السماء كي يقال إنّه ممتنع.
نعم قد يتّفق عدم إمكان امتثالهما في صورة التصادق على واحد ، لكنّه حينئذ مثل باب التزاحم ، فيجب الأخذ بالأهمّ ، ومع عدمه فالتخيير (١).
ولكن لا يخفى عليك أنّ ذلك لا يناسب أخذ الظنّ بنحو الكشف عن الواقع ، بل يناسب أخذ الظنّ على نحو الوصفيّة ، وهو كما ترى ؛ إذ ليس ذلك محلّ الكلام ومع كون الظنّ مأخوذا بنحو الكشف فالموضوع هو الواقع ومعه فالإشكال باق.
وكيف كان فهذا واضح فيما إذا كان الظنّ المأخوذ في موضوع حكم المضادّ معتبرا. وأمّا إذا لم يكن كذلك فقد ذهب في الكفاية إلى إمكانه ؛ بدعوى أنّ الظنّ غير المعتبر في حكم الشك ، فتكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة ، فلا يلزم من جعل الحكم المضادّ في فرض الجهل بالواقع اجتماع الضدّين ، وإلّا فلا يمكن الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري في جميع موارد الجهل بالواقع.
اورد عليه في مصباح الاصول بأنّ ذلك لا ربط له بالمقام ؛ إذ ليس الكلام في
__________________
(١) تنقيح الاصول ٣ : ٥٦ ـ ٥٧.