والحكم بالقبح في المثال المذكور من جهة أنّ الإشارة تقوم فيه مقام الفعل مع وجود المانع ، فلا تغفل.
التنبيه الثاني : أنّه قد يقال بحرمة نفس القصد والعزم في التجرّي من جهة الأدلّة النقليّة.
أمّا من الآيات الكريمة فقوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(١) يدلّ على مبغوضيّة إرادة العلوّ والفساد.
وقوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) يدلّ على أنّ محبّة إشاعة الفحشاء سبب للعذاب.
وقوله تبارك وتعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)(٣).
وإلى غير ذلك من الآيات الدالّة على استحقاق المؤاخذة بسبب العزم والإرادة.
وأمّا الروايات فموثّقة السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نيّة المؤمن خير من عمله ، ونيّة الكافر شرّ من عمله ، وكلّ عامل يعمل على نيّته» (٤) تدلّ على أنّ نيّة الكافر شرّ.
وخبر زيد بن علي ، عن آبائه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إذا التقى المسلمان بسيفهما على غير سنة فالقاتل والمقتول في النار ، قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال
__________________
(١) القصص : ٨٣.
(٢) النور : ١٩.
(٣) البقرة : ٢٨٤.
(٤) الوسائل : الباب ٦ من أبواب مقدمة العبادات ح ٢.