للمصلحة غير سديد. (١)
وبالجملة ملاك القبح في التجرّي هو صدق الهتك والهتك صادق بإتيان ما علم أنّه محرّم أو ترك ما علم أنّه مأمور به ، والمصالح والمفاسد الواقعيّة لا دخل لها في صدق الهتك وعدمه نعم صدق الهتك موقوف على إحراز الخطاب في صقع النفس ، والمفروض أنّه متحقّق ، ولا تأثير لوجود المصالح في الواقع في رفع القبح أو عدم فعليّته عن الهتك ، فإذا عرفت أنّ الملاك هو صدق الهتك ولا دخالة للمصالح والمفاسد في الصدق ولا في رفع القبح أو رفع فعليّة القبح فلا وجه للتفصيل المحكيّ عن صاحب الفصول ؛ إذ على كلا التقديرين يصدق الهتك واستحقّ العقوبة ولا مجال للكسر والانكسار بالنسبة إلى الهتك الصادر عن الفاعل ، فتدبّر جيّدا. فالتجرّي قبيح من دون فرق بين كون الفعل المتجرّى به واجبا أو حراما أو مستحبّا أو مكروها أو مباحا.
التنبيه العاشر :
أنّ الفعل المتجرّى به فعل اختياريّ مقصود للفاعل وإن تخلّف قطعه بالخمريّة أو الحرمة ، فإنّ قطعه بالخمريّة أو الحرمة حيثيّة تعليليّة لا حيثيّة تقييديّة ؛ لأن القطع بأحد الأمرين يوجب تعلّق الإرادة بشرب المائع الخارجي بتخيّل تطبيقهما عليه. وعليه فشرب المائع الخارجيّ الشخصي تعلّق به القصد ويكفي ذلك في كونه مقصودا واختياريّا ، فلا وجه لما قيل من أنّ ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، ألا ترى أنّه إذا باع البائع فرسا خارجيّا بعنوان الفرس العربيّ ثمّ بان أنّه فرس غير عربيّ حكم بصحّة البيع مع خيار تخلّف الوصف مع أنّ غرض البائع والمشتري متعلّق بالفرس العربي لا غيره ، وليس ذلك إلّا لأنّ الإنشاء تعلّق بالخارج بتخيّل أنّه عربيّ ، وعليه فتخلّف العربيّة لا يضرّ بتعلّق الإنشاء على الخارج ، نعم غايته أنّ له خيار التخلّف.
__________________
(١) مباحث الحجج ١ : ٦٦.