الأخبار أيضا يختلف مع أخبار العفو ، فإنّ موضوع أخبار العفو هو العزم على فعل المعصية من نفسه ، والموضوع في الآيات والروايات الدالّة على أنّ الرضا بفعل قوم بمنزلة الإتيان به هو الرضا بوقوع المنكرات والفساد من الغير وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ وهكذا موضوع أخبار العفو هو العزم على المعصية من نفسه ، وموضوع أخبار الخلود هو الكفر والإيمان اللذان يقتضيان المعصية أو الإطاعة الأبديّة إن لم نقل بأنّ النيّة في المؤمن والكافر مع فرض تلبسهما بالعمل في الجملة يكفي في الفرق بين موضوع هذه الأخبار أخبار العفو ، وأيضا الموضوع في أخبار نيّة المؤمن خير من عمله ونيّة الكافر شرّ من عمله هو بيان توسعة النية في الطرفين ، وليس في مقام بيان أنّ نيّة المعصية من المؤمن توجب المؤاخذة ، وهكذا الموضوع في الآية الكريمة : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) هو بيان المؤاخذة على المعاصي القلبيّة كالنفاق والشرك والكفر ، فالآية تدلّ على أنّ إبداءها أو إخفاءها لا يوجب الفرق في عقوبتها ، ولا دلالة لمثلها على أنّ نيّة المعصية والعزم عليها مورد المحاسبة والمؤاخذة والعقاب.
وإن أبيت عن هذا الجمع وادّعيت أنّ عدّة من الأخبار مختصّة بباب العزم والإرادة كإرادة العلوّ والفساد ، فيجمع بينها وبين أخبار العفو بالتخصيص ؛ فإنّ النسبة بينهما هي العموم والخصوص ، فلا تعارض بين الآيات والأخبار المذكورة كما لا يخفى.
وعليه فالآيات والأخبار السابقة دلّت على ثبوت العقاب في موارد خاصّة كإرادة القتل أو محبّة إشاعة الفحشاء ويقدّم هذه الموارد على أخبار العفو عن العزم على المعصية جمعا بينهما.
ومن المعلوم إنّ إثبات العقوبة في هذه الموارد لا يستلزم ثبوت العقاب على مطلق قصد المعصية ؛ إذ المحرّمات مختلفة. ولعلّ اختلاف مفاسدها وأهمّيّة بعضها