من الاجماع غير حاصل. هذا ، مضافا إلى أنّ المسألة عقليّة والمنقول من الإجماع ليس حجّة في المقام. (١)
ومنها : حكم العقل ، وتقريبه كما في تعليقة الأصفهاني قدسسره أنّه لا ينبغي الشبهة في استحقاق العقاب على التجرّي ؛ لاتّحاد الملاك فيه مع المعصية الواقعيّة. بيانه أنّ العقاب على المعصية الواقعيّة ليس لأجل ذات المخالفة مع الأمر والنهي ولا لأجل تفويت غرض المولى بما هو مخالفة وتفويت ولا لكونه ارتكابا لمبغوض المولى بما هو ؛ لوجود الكلّ في صورة الجهل ، بل لكونه هتكا لحرمة المولى وجرأة عليه ؛ إذ مقتضى رسوم العبوديّة إعظام المولى وعدم الخروج معه عن زيّ الرقّيّة ، فالإقدام على ما أحرز أنّه مبغوض المولى خلاف مقتضى العبوديّة ومناف لزيّ الرقّيّة ، وهو هتك لحرمته وظلم عليه. (٢)
وهذا الحكم عقليّ بديهيّ يشهد له الوجدان ؛ لأنّ النفس تشمئز عن الظلم. ومن المعلوم أنّ الهتك ظلم ، وهو يتحقّق بالإقدام على المخالفة عن عمد والتفات ، والاشمئزاز يكون عن القبيح كما أنّ الابتهاج يكون من الحسن ، والاشمئزاز والابتهاج من كيفيّات النفس يحصلان عن موجبهما محبوبا أو مبغوضا ، والنفس تشمئزّ عن الظلم وتبتهج بالعدل. وهذا هو الذي يحكم به العقل مع قطع النظر عن مدخليّة ذلك في حفظ النظام.
ومن هذا يظهر ما في نهاية الدراية حيث جعل حكم العقل داخلا في القضايا المشهورة المسطورة في علم الميزان في باب الصناعات الخمس ، وقال : أمثال هذه القضايا ممّا تطابقت عليه آراء العقلاء ؛ لعموم مصالحها وحفظ النظام وبقاء النوع
__________________
(١) راجع فرائد الاصول : ٥ ، ط ـ قديم.
(٢) نهاية الدراية ٢ : ٨.